الرئيس الطيع: فارس المقاطعة “على قد الكرتونة”
دابا ماروك
الرئيس الطيع: فارس المقاطعة “على قد الكرتونة”
في إحدى مقاطعات الدار البيضاء، أصبح الحديث عن رئيس المقاطعة المنتخب شائعًا بين الموظفين والمواطنين على حد سواء. هذا الرجل، الذي نال منصبه بعد عملية انتخابية شاقة، يدعي أمام المقربين منه أنه فارس مقاطعة لا يُهزم، سياسي محنك، نقابي مشاكس، ومناضل “قد الدنيا”. ولكن خلف هذا الادعاء الضخم، نجد شخصية تعيش في عالم من التردد والخوف من اتخاذ أي قرار دون استئذان “الكبار” أو طلب الموافقة المسبقة من السلطات العليا.
الرئيس “على قد الكرتونة”
حين يتعلق الأمر باتخاذ قرار – أي قرار – يتردد هذا الرئيس في كل خطوة، فلا يتحرك إلا بعد أن يحصل على الضوء الأخضر من جهة أعلى. إنه ليس مجرد رئيس منتخب، بل هو “الرئيس الطيع” الذي لا يستطيع أن يخطو خطوة دون إذن. كأن منصبه، الذي من المفترض أن يمنحه سلطة اتخاذ قرارات تخص المقاطعة وسكانها، قد تحول إلى كرسي انتظار دائم.
الرئيس والمصادقة “المقدسة”
الموظفون في المقاطعة يتندرون، متسائلين: “هل يحتاج إلى رخصة حتى لدخول الحمام؟”. لقد أصبح الأمر كوميديا بحتة. إذا كان أي قرار مهما كان بسيطًا – حتى شيء تافه مثل إصلاح مصباح في مكتب – يتطلب إجراءات معقدة من استشارات واجتماعات متكررة مع الجهات العليا، فكيف يمكن للرئيس أن يواجه القرارات الكبيرة؟
ما يزيد الأمر سخرية هو أن هذا الرئيس يدعي أنه “مناضل” في سبيل سكان المقاطعة، لكنه في الواقع لا يحرك ساكنًا دون أن يُملى عليه ما يجب فعله. يكثر من الحديث عن “المصلحة العامة”، لكنه لا يعرف كيف يخدمها دون توجيه خارجي. كلما ظهر تحدٍ أو مطلب شعبي، يعود الرئيس ليؤكد على الحاجة إلى “مزيد من الدراسة” أو انتظار “التوجيهات”.
سياسة “الباب الموصود”
بعض سكان المقاطعة الذين يحاولون الوصول إليه للمطالبة بحقوقهم أو استفسار عن مشاكلهم، يجدون أنفسهم أمام رئيس يفتح باب مكتبه، لكن عقله مقفول على استشاراته الخاصة. فهو، بكل أسف، يُكثر من الوعود الفارغة التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ، وذلك لأنه ينتظر دائمًا الموافقة من “فوق”.
الكرتونة الكبرى
وفي كل مرة يتباهى فيها بإنجازٍ ما، يظهر جليًا أن الرئيس الطيع لا يتخذ أي قرار حاسم. فهو ليس “فارسًا” بمعنى أنه يحمل سيف التغيير، بل فارس “على قد الكرتونة” – يتمايل في منصبه ولا يخوض معارك حقيقية. يتحدث عن إنجازات وهمية، في حين أن المقاطعة تعاني من مشاكل تراكمت بفعل التردد، وعدم القدرة على اتخاذ قرارات ذات قيمة
زبون من “كرتون”
الرئيس المطيع يعد “زبونا من كرتون” في عالم الصحافة، حيث يحرص دائما على ضمان تغطية إعلامية حتى لو تعلقت بإحدى سهرات “كولو لعام زين”. يعزى ذلك إلى اعتماده على شراء التأييد الإعلامي الرخيص، مما يطرح التحديات التي تواجهها الصحافة أمام الأقلام البارعة في الرقص لكل من يدفع.
الخاتمة: فارس الاستئذان
يبقى الرئيس الطيع نموذجًا صارخًا لرؤساء مقاطعات يتم اختيارهم من الشعب لخدمة الشعب، لكنهم يصبحون أسرى تعليمات، يخشون الخروج عنها أو التفكير خارج الصندوق. وعندما تنظر إلى إنجازاته، لا تجد سوى قائمة طويلة من الاستئذانات والتصريحات الفارغة التي تُضاف إلى “كرتونة” إنجازاته الهشة. السؤال الذي يطرحه المواطنون اليوم هو: “متى سيقرر رئيسنا المنتخب أن يُصبح رئيسًا بحق وحقيق، وأن يكف عن انتظار الضوء الأخضر لكل صغيرة وكبيرة؟
وقديما قيل: “الحرة بالغمزة..”