مصالح التصميم بالجماعات الترابية في المغرب: بين آفاق التنمية وعوائق الفساد الإداري
دابا ماروك
مقدمة
تُعدّ الجماعات الترابية حجر الزاوية في إدارة الشأن المحلي بالمغرب، حيث تضطلع بدور حيوي في تحقيق التنمية المستدامة وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. ومع ذلك، تواجه هذه المؤسسات تحديات كبيرة تعيق أداءها، أبرزها انتشار الفساد الإداري، خاصة في مصالح التصميم. هذه الممارسات ليست مجرد اختلالات عابرة، بل هي جزء من منظومة عميقة تؤثر على ثقة المواطنين وتُعطل عجلة التنمية.
أولاً: فساد مصالح التصميم ومعاناة المواطنين
واقع الفساد
تعتبر مصالح التصميم في العديد من الجماعات الترابية نموذجًا واضحًا للتلاعب الإداري الذي يعاني منه المواطنون. ومن أبرز مظاهر هذا الفساد:
- التمييز في معالجة الملفات: تُقدّم ملفات على حساب أخرى بناءً على العلاقات الشخصية أو المصالح الخاصة.
- الزبونية واستغلال النفوذ: يتحول بعض الموظفين إلى وسطاء يطلبون مبالغ غير قانونية لتسريع الإجراءات.
- البيروقراطية المُعطّلة: تؤدي هذه الممارسات إلى تأخير المشاريع وإلحاق خسائر مادية ومعنوية بالمواطنين.
تداعيات هذه الممارسات
- انعدام الثقة في المؤسسات: يشكل الفساد حاجزًا نفسيًا واجتماعيًا بين المواطن والإدارة.
- تباطؤ التنمية المحلية: تتسبب العراقيل الإدارية في تعطيل المشاريع السكنية والتجارية، مما يضر بالاقتصاد المحلي.
ثانيًا: الرقمنة بين الفرص والعوائق
إمكانيات الرقمنة
سعت الحكومة المغربية إلى تعزيز الشفافية من خلال رقمنة الخدمات عبر منصات مثل:
- Rokhas.ma: لتبسيط إجراءات الرخص.
- Chikaya.ma: لتقديم الشكايات.
- Watiqa.ma: لاستخراج الوثائق الإدارية.
عوائق التنفيذ
- واجهة شكلية: رغم وجود هذه المنصات، ما زالت المحسوبية تُمارس خلف الكواليس.
- التلاعب بالنظام الرقمي: يتم تعطيل الطلبات أو تعديل أولوياتها بشكل غير قانوني.
- غياب الرقابة الصارمة: ضعف آليات المراقبة يجعل من الصعب ضبط المخالفين.
الحلول المقترحة
- تعزيز الذكاء الاصطناعي: لتحديد أي تلاعب أو تأخير غير مبرر.
- ربط الطلبات بمؤشرات أداء: لتقييم فعالية الموظفين ومعالجة الطلبات بشكل عادل.
- تفعيل الرقابة المستقلة: لضمان تطبيق القوانين بكل شفافية.
ثالثًا: تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد
التربية على النزاهة
إلى جانب التكنولوجيا، يجب التركيز على بناء قيم أخلاقية داخل الإدارات:
- التكوين المهني والإداري: دمج قيم النزاهة والاستقامة في برامج التكوين.
- حملات التوعية: لتذكير الموظفين والمواطنين بأهمية احترام القانون.
عقوبات رادعة
- محاسبة المخالفين: فرض عقوبات صارمة على أي موظف يثبت تورطه في الفساد.
- حماية المبلغين: لضمان عدم تعرضهم لأي انتقام.
رابعًا: مصالح التصميم واستغلال النفوذ
ممارسات مشبوهة
يلجأ بعض موظفي مصالح التصميم إلى إعداد التصاميم داخل منازلهم ثم نقلها للمهندسين لتوقيعها رسميًا، مما يخلق الشطط والمنافسة غير التنزيهة.
- استغلال النفوذ: تُنفذ التصاميم الخاصة بالموظفين على حساب المرتفقين.
- إضعاف العدالة: يؤدي هذا السلوك إلى تعطيل أو رفض ملفات المواطنين دون مبرر.
الحلول
- منع تضارب المصالح: قوانين تمنع الموظفين من تقديم خدمات شخصية للمواطنين.
- رقابة رقمية: نظام شفاف لتتبع جميع ملفات التصميم.
- إشراك النقابات: تعزيز دور نقابات المهندسين لمتابعة الملفات ومنع التلاعب.
خامسًا: نحو إدارة جماعية شفافة
التوصيات
- الجمع بين التكنولوجيا والقيم: تعزيز الرقمنة مع غرس قيم النزاهة والشفافية.
- تعزيز المساءلة: إنشاء هيئات مستقلة لمتابعة أداء الإدارات ومعاقبة المخالفين.
- إشراك المجتمع المدني: دور فعال للمنظمات غير الحكومية في مراقبة الأداء الإداري.
خاتمة
لا يمكن تحقيق إدارة جماعية نزيهة وفعالة بالاعتماد على التكنولوجيا فقط. فالقيم الأخلاقية تُشكل العمود الفقري لأي إصلاح إداري. عندما تلتقي الرقمنة بالنزاهة، يصبح الطريق ممهدًا لبناء إدارة شفافة تخدم المواطن وتحترم حقوقه.