دفاتر قضائية

“فضيحة بنكية: انطلاقة”.. أم انزلاقة؟!

دابا ماروك

في فصل جديد من المسلسل البنكي المغربي، يبدو أن برنامج “انطلاقة” لدعم وتمويل المقاولات تحول إلى برنامج “انزلاقة” بامتياز، حيث تفجرت مؤخراً فضيحة بنكية بنكهة سينمائية، أبطالها مسؤولون بنكيون وكومبارس من المحاسبين والمقاولين. موقع التصوير؟ الدار البيضاء وضواحيها. أما الحبكة فهي تدقيق داخلي أجراه بنك كبير وكشف عن اختلالات أشبه بما نشاهده في الأفلام البوليسية.

القصة تبدأ مع مستشارين بنكيين يظهرون براعتهم في فن “إعادة تدوير” دراسات الجدوى، ولكن بطريقة تضمن عدم جدوى المشاريع، إلا إذا كانت مرفقة “بإكرامية”. البعض منهم أصبح يوجه طالبي القروض لتغيير أنشطتهم، لأن “البيتزا” مثلاً أفضل تمويلاً من “الطاجين”. هل هذا برنامج دعم المقاولات أم برنامج “عندك طاجين، دبّرها على شكل بيتزا”؟

التدقيق رصد اختراعات جديدة في عالم الرفض البنكي: فواتير مزورة، شهادات خبرة من عالم الخيال، وحتى وعود بالكراء كتبها “وهميون” بخط يدهم. هؤلاء المسؤولون، بدل أن يحموا القروض، أصبحوا مثل “مُسهّلي القروض” بطريقة تُذكرنا بمشهد محتالين يصنعون جوازات سفر مزيفة.

وإذا اعتقدت أن الأمور توقفت هنا، فانتظر المفاجأة! بعض الوكالات التجارية اتبعت تقليعة جديدة: “دراسة جدوى مستنسخة”. نعم، كأنها استنساخ كائنات فضائية! يتم تسويقها على أنها دراسات جدوى محترفة، لكن حقيقتها أنها مجرد نسخ ولصق مع تحسينات طفيفة كي لا يشكّ أحد.

أما القروض؟ فمن يظن أن المقاول سيحصل على الملايين لبناء أحلامه، فهو واهم. الشروط الجديدة جعلت “انطلاقة” أقرب إلى برنامج “نقطة انطلاق نحو الباب”. القروض تقلصت، والتعاونيات أصبحت خارج اللعبة لأن “المخاطر كبيرة”. يبدو أن البنوك تخاف أكثر من الخسائر من خيال التعاونيات!

الختام؟ حتى لجان القروض المركزية اكتشفت أنها أحياناً توقع على تقارير مغلوطة، وكأن كل شيء يسير وفق سيناريو كتب بدقة لإبهار المشاهدين. لكن مهلاً، المشاهدون هنا هم القضاء والنيابة العامة، الذين ينتظرون بفارغ الصبر الجزء الثاني من هذا الفيلم: “محاكمة الخيال البنكي”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى