عرق النسا بين الوصفة الطبية والرحلة المرهقة: حين يتحول المريض إلى زبون!
م-ص
هل سمعتم عن عرق النسا؟ لا، نحن لا نتحدث عن نساوة أو نسيان الأمور الصغيرة، بل عن ذاك المرض المؤلم الذي قد يحول حياتك إلى رحلة من الصراع مع الحركة. ولكن دعونا نحكي لكم عن عرق النسا بنسخته المغربية، حيث التشخيص ليس مجرد ألم في الظهر بل مغامرة طبية غامضة.
البداية كانت عندما تلقينا الجرعة الثانية من لقاح كورونا. كل شيء كان على ما يرام، إلى أن بدأنا نشعر وكأننا نحبو بدلاً من المشي، كأن أرجلنا تحولت إلى أكوام من الطين! لم نعد قادرين على السير بشكل طبيعي؛ دون الحديث عن الألم في أسفل الظهر، وكانت البداية مع زيارات للأطباء الذين وصفهم البعض بـ”الأساطير الطبية”. أحد هؤلاء الأطباء يوجد بالدار البيضاء، وعيادته ليست مكاناً للعلاج بقدر ما هي تجربة اختبار للصبر البشري. تحجز رقمك، تنتظر دورك لأكثر من ساعتين، ثم عليك المرور عبر المصعد للوصول إليه، حيث يمنحك وصفة عجيبة لا تُعالج فقط الألم بل تُثقل جيبك أيضاً.
الطبيب نظر إلينا للحظات، ثم طلب تصويراً إشعاعياً. بعد الفحص السريع، جاء التشخيص: عرق النسا (Sciatique). وصف لنا كومة من الأدوية وكأننا نحتاج إلى إعادة بناء من الداخل، وطلب منا العودة بعد أسبوعين.
لكن الأمور لم تتحسن، وقررنا تجربة طبيب آخر في العالية بالمحمدية، الطبيب أحمد العرجون. بعد بضعة حركات تشخيصية، نظر إلينا وهو في حالة من الحيرة: “أنت لا تعاني من عرق النسا!” كانت هذه العبارة بمثابة ضربة جديدة، لكنها حملت الأمل هذه المرة. كتب لنا وصفة بسيطة وغير مكلفة، وأكد لنا أن عرق النسا بريء منا. أقلعنا عن تناول “شاحنة” من الأدوية، وبدأنا نتحسن بشكل ملحوظ. وفي غضون أقل من عشرة أيام، عدنا إلى حالتنا الطبيعية تماماً.
الخلاصة ليست في الأطباء بحد ذاتهم، بل في النظام الطبي الذي يضع المريض في طابور الانتظار ليس للشفاء، بل للدخول في دورة استهلاك دوائية قد لا تنتهي. في بلادنا، يبدو أن بعض الأطباء قد أصبحوا مندوبي مبيعات للأدوية، والشفاء أصبح مجرد عرض جانبي نادر.
كيف لا نشعر بالضجر ونحن نرى أن العناية الصحية أصبحت مسألة مصالح أكثر منها مسألة إنسانية؟