مدونة الأسرة الجديدة: خطوة نحو إنصاف المرأة والطفل أم تعقيد لعش الزوجية؟
دابا ماروك
لن نكون أحسن من هذا الجيش العرمرم الذي تكلف بإعداد التعديلات الأخيرة على مدونة الأسرة في المغرب، والتي شملت 139 مقترحا. تأتي هذه التعديلات في مسعى لتحسين الوضع القانوني للأسرة المغربية، وتعزيز حقوق المرأة والأطفال في ظل تحديات اجتماعية متزايدة كارتفاع نسب الطلاق والعزوف عن الزواج. ورغم الآمال المعقودة على هذه التعديلات، فإنها تثير تساؤلات عميقة حول قدرتها على تحقيق التوازن المطلوب بين الحقوق والواجبات، وهل ستسهم في استقرار الأسرة أم ستضيف تعقيدات جديدة للحياة الزوجية؟
أبرز المستجدات في مدونة الأسرة
التعدد: التعديلات الجديدة تضمنت التنصيص على شرط موافقة الزوجة عند الزواج الأول حول منع التعدد، مع تقنين “المبررات الموضوعية” للتعدد، وحصرها في حالات استثنائية كالمرض المانع من المعاشرة أو العقم، مع إشراف القاضي.
النيابة القانونية والحضانة: تم إدخال تغييرات جذرية تجعل النيابة القانونية حقاً مشتركاً بين الزوجين، وحضانة الأطفال أيضاً مشتركة أثناء الزواج وبعد الطلاق، مع تعزيز حقوق الأمهات المطلقات في حضانة أطفالهن وسكن المحضون.
الإرث: اعتمدت التعديلات رأي المجلس العلمي الأعلى بشأن إرث البنات، مما يتيح هبة الأموال للوارثات قيد الحياة مع ضمان الحيازة الحكمية، وفتح المجال للهبات والوصايا بين الزوجين المختلفي الدين.
زواج القاصرين: رفع سن الزواج إلى 18 سنة شمسية كاملة، مع استثناء محدود مشروط بتوافر حماية صارمة، لضمان أن تبقى حالات زواج القاصرين نادرة وخاضعة للرقابة القضائية.
إجراءات الطلاق: تقليص مدة البت في قضايا الطلاق والتطليق إلى ستة أشهر كحد أقصى، واعتماد وسائل إلكترونية لتوثيق العقود وتبليغ الأحكام، مما يعكس تطلعاً إلى تسريع العدالة وتقليل النزاعات.
زواج المغاربة بالخارج: السماح بإبرام عقود الزواج دون حضور الشهود المسلمين في حال تعذر ذلك، لتسهيل الإجراءات للمغاربة المقيمين بالخارج.
توازن ضروري وتحديات قادمة
هذه التعديلات، رغم أهميتها، تضع المجتمع المغربي أمام تحديات جديدة:
- التعدد والاشتراطات: هل ستسهم القيود الإضافية في تقليص الظاهرة أم ستفتح المجال لتفسيرات وتجاوزات؟
- حقوق الحضانة: كيف يمكن ضمان مصالح الطفل بشكل عادل بين الطرفين؟
- الإجراءات القضائية: هل ستتمكن الهيئات القضائية من مواكبة التسريع المطلوب في قضايا الأسرة دون تأثير على جودة الأحكام؟
الكلمة الأخيرة
في ضوء الدينامية الاجتماعية والتشريعية التي يشهدها المغرب، لا شك أن هذه التعديلات تشكل خطوة هامة نحو تحسين الإطار القانوني للأسرة. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو التطبيق العملي لهذه النصوص وضمان انسجامها مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمغاربة، بما يحمي حقوق الجميع ويعزز استقرار الأسرة كركيزة أساسية للتنمية.