دابا ماروك
يشهد القطاعان العام والخاص في المغرب تغييرات مهمة خلال الأيام المقبلة، تشمل زيادات في الحد الأدنى للأجور وتعديلات على الضريبة على الدخل، وهي إجراءات تهدف إلى تخفيف وطأة الظروف الاقتصادية الصعبة ومواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة. ولكن، هل يمكن لهذه الإصلاحات تحقيق الأهداف المرجوة، أم أنها تبقى مجرد خطوات محدودة التأثير؟
زيادة الحد الأدنى للأجور: خطوة صغيرة في مسار طويل
بناءً على الاتفاقية الموقعة ضمن الحوار الاجتماعي في أبريل 2024، ستُرفع أجور العاملين تدريجياً، حيث سيدخل حيز التنفيذ ابتداءً من فاتح يناير 2025 زيادة بنسبة 5% على الحد الأدنى للأجر الصناعي والتجاري والخدماتي (SMIG) والفلاحي (SMAG). وستنتقل الأجور الشهرية من 3112 درهماً إلى 3267.6 درهماً، مع خصم 220.10 درهماً لصندوق الضمان الاجتماعي، ليصبح صافي الأجر المتوقع 3047 درهماً.
رغم أن هذه الزيادة تهدف إلى تعزيز القدرة الشرائية للأجراء، فإنها لا تزال غير كافية لمواكبة فواتير الاستهلاك المرتفعة، خاصة في المدن الكبرى حيث التضخم يفرض ضغوطاً شديدة على الأسر.
إصلاحات ضريبية: إعفاءات محدودة وتخفيف تدريجي
أقر قانون المالية للسنة المقبلة تخفيضات مهمة في الضريبة على الدخل، حيث ستُعفى شريحة الأجور التي تقل عن 6000 درهم شهرياً من الضريبة بشكل كامل، بينما ستُخفض معدلات الضرائب على الشرائح الأخرى. على سبيل المثال:
- 10% للدخل بين 40,001 و60,000 درهم سنوياً.
- 20% للدخل بين 60,001 و80,000 درهم.
- 30% للدخل بين 80,001 و100,000 درهم.
- 34% للدخل بين 100,001 و180,000 درهم.
- 37% للدخل الذي يتجاوز 180,000 درهم.
هذه الإجراءات ستنعكس بزيادات تتراوح بين 400 و500 درهم على صافي الأجور، لكنها تواجه انتقادات واسعة بشأن محدودية تأثيرها على تخفيف العبء الضريبي في ظل ارتفاع الأسعار.
“تعويض القفة”: دعم رمزي في مواجهة التضخم
في خطوة لمواجهة التضخم الذي يطال المنتجات الغذائية الأساسية، تم اعتماد “تعويض القفة”، بقيمة 40 درهماً يومياً لبعض القطاعات ذات الأجور المنخفضة. وعلى الرغم من رمزية المبلغ، فإنه يمثل دعماً ضرورياً للعائلات ذات الدخل المحدود، التي تأثرت بشكل كبير بارتفاع أسعار المواد الغذائية.
نظرة إلى المستقبل: تحديات حقيقية رغم الإصلاحات
بينما تتوقع الحكومة نمواً اقتصادياً بنسبة 4.6% وتضخماً بحدود 2% خلال 2025، تُظهر المؤشرات الراهنة تباطؤاً في الأداء الاقتصادي، مع نمو بنسبة 1% فقط خلال العام الجاري. هذا يجعل من الضروري مراجعة شاملة للإجراءات الاجتماعية والاقتصادية لضمان تحقيق أثر مستدام على معيشة المواطنين.
نهاية القول: إصلاحات تحتاج إلى شجاعة أكبر
الإصلاحات المرتقبة، رغم أهميتها، تبدو كخطوات أولية تحتاج إلى دعم شامل وسياسات أكثر جرأة للتخفيف من أعباء التضخم، ودعم الفئات الهشة، وتعزيز الاقتصاد الوطني. في ظل التحديات المتزايدة، يبقى السؤال: هل تستطيع الحكومة الحفاظ على توازن دقيق بين حاجات المواطن وطموحات التنمية؟