شباب المحمدية: حين يتحول الغرق إلى فن احتجاجي هزلي
دابا ماروك
إذا كان من حق جماهير شباب المحمدية أن تحتج على الوضع المزري الذي أصبح يعيشه الفريق، فإن السؤال الكبير الذي يُطرح هنا هو: لماذا تأخر هذا الاحتجاج إلى الآن؟ أليس الفريق في مؤخرة الترتيب منذ وقت طويل؟ أم أن جماهير النادي كانت تنتظر مناسبة كونية، مثل ظهور مذنب هالي، لتكتشف فجأة أن فريقها يغرق؟
وإذا كان هذا الاحتجاج يصادف ليلة مباراة الفريق مع الرجاء الرياضي، أليس ذلك مصادفة عبثية أم خطة استراتيجية مستوحاة من علم “حظك اليوم”؟ الجميع يعلم أن الرئيس السابق لفريق شباب المحمدية، الذي لا يحتاج لذكر اسمه، يمتلك في قلبه زاوية صغيرة مخصصة للشعور “الدافئ” تجاه الرجاء. ربما الاحتجاج كان مجرد محاولة للتذكير بأن النادي ليس فقط متدهورًا بل أيضًا لديه معجبين لديهم حس كوميدي رفيع.
أما بالنسبة للوقفة الاحتجاجية الثالثة التي دعا إليها فصيل “باند روسا”، فهي حدث يستحق التسجيل في موسوعة غينيس كأطول مسلسل تركي بدون حبكة درامية. الجماهير الغاضبة رفعت شعارات وكأنها في مهرجان سينمائي عالمي، تعبر عن غضبها وإحباطها من الإدارة الحالية. لكن هل فكر أحدهم أن يضع لافتة تقول: “نحن لا نحتج فقط، نحن أيضًا نُبدع في الاحتجاج”؟
المطالب بالتغيير الجذري للإدارة الحالية تذكرنا بفيلم خيال علمي: الكل يطالب بالتغيير، لكن لا أحد يعرف ما الذي سيأتي بعد ذلك. فهل سيأتي “سوبرمان” لإنقاذ الفريق أم سنشهد تعيين إدارة جديدة بنفس الوتيرة العبثية؟ الجماهير ترى أن الإدارة الحالية بلا رؤية واضحة، لكن هل تساءل أحد عن رؤية الجماهير نفسها؟ هل هي رؤية تعبر عن حب للفريق أم مجرد استعراض لمهارات رفع اللافتات؟
الرسالة التي وجهتها الجماهير كانت قوية وحاسمة، لكن في الوقت ذاته، من الصعب تجاهل الطابع المسرحي لهذه الوقفات. إن كانت الجماهير تبحث عن تغيير جذري، فلماذا لا تبدأ بتغيير أسلوبها في الاحتجاج؟ ربما عبر تنظيم ورشة عمل تحت عنوان “كيف تكون غاضبًا بطرق مبتكرة” أو إصدار كتاب بعنوان “فن الاحتجاج بلا جدوى”.
بكل جدية، إذا استمرت الأوضاع على هذا المنوال، فإن شباب المحمدية ليس فقط في مؤخرة الترتيب بل أيضًا في مقدمة الطابور نحو الهبوط النهائي. ولعل الإدارة الحالية، التي يبدو أنها تعيش في كوكب آخر، تستحق جائزة نوبل في الفشل الإداري. الحل؟ ربما يبدأ بفهم بسيط: أن كرة القدم ليست مسرحية هزلية، والجماهير ليست جمهورًا في برنامج كوميدي مباشر.