مجتمع

أساتذة التعاقد: بين معركة الشهادات وشرعية الاحتجاج، هل سنصل إلى الحل أم ستظل الوعود مجرد حبر على ورق

دابا ماروك

قرر الأساتذة ”المفروض عليهم التعاقد” أخذ كلمة “احتجاج” على محمل الجد، حيث بدأوا حملة جديدة ضد “نظام التعاقد” الذي يعتبرونه “هشًّا” و”مجحفًا” (ويبدو أنهم اكتشفوا للتو أنه ليس مثل بناء قلاع من الرمال). ممثلو التنسيقية، الذين يشعرون وكأنهم “في مهمة إنقاذ” أو “مقاومة للاستبداد”، لم يترددوا في تحميل وزارة التربية الوطنية وكل من فيها مسؤولية استمرار هذه “المعركة”، مستمرين في تقييد حقوق الأساتذة الذين أُجبروا على توقيع عقودهم، وكأنهم وقعوا على شيك مفتوح لحرمانهم من أبسط الحقوق.

الكرامة التعليمية، في نظر التنسيقية، هي الأسمى، بينما النقابات؟ لم تتردد التنسيقية في توجيه هجوم لاذع ضدها، معتبرة أن هذه “البيروقراطيات المتواطئة” فشلت فشلاً ذريعًا في الدفاع عن حقوق الشغيلة التعليمية. والمرجعية النقابية؟ مجرد تذكار عتيق في الذاكرة، وفقًا لهم، فقد سقطت في امتحان التفاعل مع قضايا الشعب التعليمي، وأصبحت فقط “ديكورًا” داخل اللعبة السياسية.

أما بالنسبة لـ”التعاقد” الذي يعتقد البعض أنه مجرد ورقة يوقعها المعنيون ثم تُنسى، فهو بالنسبة للأساتذة المتعاقدين أكبر من مجرد “كلمة”، بل هو “مؤامرة محبوكة” تستمر تحت ستار الادعاءات المضللة التي تروجها الوزارة وأصدقاؤها في الشراكة البيروقراطية. وبينما يدور الجدل حول الإدماج في الوظيفة العمومية (وهو نوع من الأدغال القانونية التي لا يستطيع أحد الوصول إليها)، يُضاف إلى هذه المعركة القصص المثيرة حول اقتطاع الرواتب بسبب حق الإضراب! وكأن الأساتذة الذين يمارسون حقهم المشروع في التعبير عن مطالبهم، يُعاقبون كما لو أنهم سرقوا من خزينة الدولة.

الأمر لا يتوقف عند ذلك. فما حدث بعد هذا كله؟ محاكمات ضد الأساتذة المناضلين، وأحكام قضائية “تعسفية” – هكذا يقول البيان. والتعسف لا يتوقف على الساحة القضائية، بل يمتد أيضًا إلى المدارس، حيث يُظهر بعض المديرين “فنهم” في التوقيفات التعسفية والتهديدات المتكررة. الأساتذة يواجهون تحديات أكبر من مجرد التدريس؛ فهم يحتاجون إلى إلغاء قرارات التوقيف وإعادة تصحيح الأوضاع الإدارية التي تُعاملهم كأبطال في مسلسل درامي طويل.

وبما أن التنسيقية تواصل البحث عن العدالة، لا تكتفي بالمطالبة بتحقيق العدالة المالية والإدارية، بل تسعى أيضًا لإلغاء العبء الثقيل المتمثل في ساعات العمل الطويلة. وكأنها تقول: “إذا كانت الوزارة تروج لفكرة تخصيص اللغة الأمازيغية، فلماذا لا نخصص أيضًا حصصًا تربوية حقيقية لهذه اللغة؟”.

وفي النهاية، يُختتم البيان بمطالب أخرى، من زيادة الحوافز والامتيازات، إلى تقليص ساعات العمل، مطالب كلها، وفقًا للتنسيقية، ستعيد للأساتذة كرامتهم الضائعة وتضمن لهم مكانًا يليق بهم في النظام التعليمي.

لكن للأسف، في عالم التعليم هذا، كل مطلب يبدو وكأنه مجرد فقاعة، لا يتجاوز حدود الوعود التي يقطعها البعض لتهدئة الأوضاع لفترة قصيرة قبل أن تعود معركة “التعاقد” إلى الواجهة مجددًا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى