رقمنة جمعيات المجتمع المدني: ثورة تكنولوجية أم مجرد فلاشات على الخاوي؟
دابا ماروك
يبدو أن الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى بايتاس، يعتقد أنه اكتشف العجلة مجددًا. حديثه عن رقمنة جمعيات المجتمع المدني في المغرب يعكس، بشكل ساخر، كيف يتم تقديم الأفكار التي تبدو كأنها جديدة بينما هي مجرد “تسريع” لعملية تكنولوجية تكاد تكون موجودة بالفعل، أو على الأقل يفترض أن تكون. إذا كانت الرقمنة ستسهل عمل الجمعيات وتحسن من “دمقرطة” الوصول إلى الدعم العمومي، فهل نحن فعلاً بحاجة لهذا الإعلان الضخم؟ أليس من الطبيعي أن تتوافر هذه الأدوات للجميع منذ البداية؟ مع ذلك، دعونا نلقي نظرة على ما قاله بايتاس، لأنه يستحق التحليل.
رقمنة المجتمع المدني: الأمل الكبير!
بايتاس يعرض “البوابة الرقمية” على أنها الجواب السحري لكل مشاكل الجمعيات. لا شك أن موقع sociétécivile.maسيكون نقطة التحول، حيث سيصبح “الشباك الوحيد” للجمعيات. وأضف إلى ذلك “التطبيقات السبعة” التي تقدم كيفية إعداد البرامج والانخراطات، إلى جانب “الخدمات المجانية”. تمامًا كما لو أن وجود بعض التطبيقات المتخصصة في المساعدة هو الحل النهائي لجميع المشاكل الهيكلية والتقنية التي تواجهها الجمعيات، لا سيما تلك الموجودة في المناطق القروية حيث الإنترنت يعاني أكثر من بطء.
“لكن لا، الأمور ليست بهذه السهولة!”
نور الدين قشيبل، النائب البرلماني، يتدخل بكلمات ناعمة ولكنه قاسية، حيث يعترف بأن التكوين عن بُعد ليس كافيًا. بالطبع، الجمعيات في المناطق النائية، التي تتعامل مع “ضعف البنيات التحتية” و”المشاكل الجغرافية” (إذن، هل نتحدث عن السفر عبر الزمن إلى أماكن نائية؟)، ستواجه مشاكل أكبر في الاستفادة من هذه الخدمات الرقمية اللامعة التي يتفاخر بها الوزير. أليس من الأجدر البدء بتحسين البنية التحتية بدلًا من الاعتماد على رقمنة غير فعّالة في ظل نقص الصبيب؟
التشغيل الجمعوي: هناك من يعتقد أن الجمعيات ليست مثل الشركات!
وفي حين أن الوزير بايتاس يبذل جهدًا جادًا لإقناع الجميع بأن “التشغيل الجمعوي” مختلف تمامًا عن “التشغيل العادي” (بالطبع، لأن الجمعيات لا تعمل من أجل الربح، إذن لا داعي لتنظيمها، أليس كذلك؟)، فإن هناك من يرى أن هناك “فراغًا قانونيًا” يستدعي حلاً عاجلًا. ولكن لا مشكلة، فإن دراسة مع المرصد الوطني للتنمية البشرية قيد التنفيذ، وهي بالطبع الحل السحري الذي سيعطي فكرة واضحة عن كيفية تنظيم العاملين في الجمعيات. وحين تكتمل هذه الدراسة، سيبدأ العمل على النص القانوني، الذي يحتاج إلى “المرور عبر مستوى ثالث” (وبينما نحن ننتظر، يبدو أن الجمعيات ستظل تعمل كما هي دون قانون ينظمها).
الربط بين جميع القطاعات: شاطئ الأمل!
إخراج هذا النص القانوني يتطلب المرور عبر “قانون المالية”، وكأن هذا كل ما يحتاجه الأمر، الانتظار حتى يمر الموضوع من خلال مجموعة من الإجراءات البيروقراطية قبل أن يتم تقديمه إلى من يهمه الأمر، أي الجمعيات. هل هذا يعني أن الجمعيات التي تهدف إلى “المساهمة في التنمية” ستنتظر سنوات حتى يتم اتخاذ قرار حاسم بشأن وضعها القانوني؟
خلاصة، في سخرية…
بالتأكيد، مع الجهود الضخمة المبذولة لإدخال رقمنة وتطوير “الأسواق الرقمية” الموجهة لجمعيات المجتمع المدني، قد نشعر بأن المغرب على وشك الدخول في عصر جديد من التكنولوجيا والشفافية. ولكن، في الواقع، ما يبدو أنه محاولة “التسريع” ما هو إلا دافع آخر للتأكيد على أننا بحاجة أولًا إلى بناء أساس قوي، بنية تحتية تعليمية، تقنية، وقانونية. نعم، هناك تطور، ولكن ربما ببطء، وقد لا يكون كافيًا في مواجهة التحديات الحقيقية على الأرض.