حين تبتسم الحياة لأقويائها وتترك الضعفاء خلف القضبان!
م-ص
في خضم الصراعات التي تواجهها البشرية، يشعر الكثيرون أن الحياة ليست عادلة. تلك اللحظات التي يواجه فيها الفرد ظُلم القدر وقسوة الظروف تبدو وكأنها دروس قاسية لا تتوقف. نرى العظماء ينهارون، والأبرياء يتألمون، والطموحات تتحطم أمام جدران الواقع القاسي، وتبدو الحياة وكأنها لا تُبالي بالجهود أو الأخلاق، بقدر ما تبالي بفرض قوانينها الصارمة، بلا رحمة.
عندما ينحرف مسار الحياة عما حلمنا به، يُطرح السؤال الأبدي: لماذا تظلمنا الحياة ونحن نحاول بجدّ؟ البعض يجد أن الظلم الذي نشهده ليس سوى جزء من لعبة الحياة التي تضعنا في اختبارات لا تُحابي أحدًا. هذه القسوة، على حد تعبير الكثيرين، تُصقل القوة الداخلية، لكنها أحيانًا تُحيل الروح إلى هشيم، وتجعل من الأمل شيئًا بعيد المنال.
ظلم الحياة يتجلى بأشكال متعددة: فالأطفال الذين يولدون في مناطق النزاعات يشهدون الألم والحرمان منذ نعومة أظافرهم، والشباب الذين يحلمون بالفرص يجدون أنفسهم عالقين في دوامة اقتصادية لا تُنصف، فيما يرى المرضى الذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة كيف تُغلق الأبواب في وجوههم، وكأنهم ضحايا عالمٍ يواصل إغراقهم في معاناته.
ومع ذلك، وبالرغم من هذه المظالم، نجد البشر يكافحون، يحاولون بثبات إحياء بصيص الأمل في الظلام. نجدهم يبحثون عن الجمال في الفوضى، ويُعزّون أنفسهم بمفاهيم مثل التعاطف والإيمان، ويحاولون تقبل أن الألم جزء من رحلة تُمليها الحياة، حيث أن الشدائد قد تحمل في طياتها دروسًا لم نكن لنتعلمها بغير ذلك.
في النهاية، لعلَّ الظلم هو تلك القوة الغامضة التي، على الرغم من فظاعتها، تدفع الإنسان للاستمرار في العيش، للبحث عن طرق للنهوض، وكأنه بطل في قصة مستمرة، يتحدى الصعاب بالرغم من أن الحياة لا تُسدي له معروفًا.
إن الحياة قد تكون قاسية، لكنها تمنحنا الفرصة لإيجاد معنى في قسوتها، أو ربما لتغيير الظروف ولو ببطء شديد، لتصبح يوماً ما أقل ظلمًا.