عشوائية المحمدية: عندما يتلاشى برنامج العمل في ظلام اللامبالاة
دابا ماروك
من المؤسف حقًا أن جماعة المحمدية، التي يبدو أنها ظلت منشغلة بكرة منفوخة بالهواء، لم تتمكن حتى الآن، رغم مرور نصف ولاية، من إنجاز برنامج عمل ينظم سير الجماعة وحياتها اليومية. وكأنها تشتغل وفق مبدأ “العشوائية هي النظام!”، وهذا قد يُعتبر إنجازًا في حد ذاته، لكن في عالم السياسة، هذا يُعتبر بمثابة خطة للتخبط بلا وجهة.
التنظيم، أين أنت؟
ما يدعو للدهشة حقًا هو كيف لم تتمكن جماعة المحمدية من إنجاز برنامج عمل يُعبر عن تطلعات الساكنة. يبدو أن الوضع لا يستدعي سوى القليل من الجهد، لكن يبدو أن هذه الجماعة تفضل حالة من الفوضى المبدعة. قد يفكر البعض في الاستعانة بخطة عمل بسيطة، لكن لماذا نتعب أنفسنا بالتخطيط عندما يمكننا ببساطة الاستمتاع بمشاهد العشوائية على مدار الساعة؟
شركاء في الفوضى!
ومع غياب برنامج عمل واضح، يتساءل المواطنون: من هم الشركاء الذين سيعملون على تحويل هذه المدينة إلى مكان يستحق العيش فيه؟ هل هي المنظمات غير الحكومية؟ أم هل يجب أن نتوجه إلى الأصدقاء المقربين لمسؤولي الشأن المحلي الذين قد يمتلكون موهبة تنظيم الحفلات أكثر من تنظيم المشاريع؟
الوعود تتلاشى!
على الرغم من الأجواء المليئة بالوعود، يبدو أن مشاريع التنمية تتلاشى كأحلام الصيف. فعندما يتعلق الأمر بالتخطيط والتنفيذ، قد نحتاج إلى استدعاء روح الإبداع، لكن هذه المرة في ميدان البحث عن المشاريع المفقودة. ربما نجدها مختبئة في أحد الأدراج أو ربما تتجول في شوارع المحمدية.
دعونا نتأمل في وضع هذه الجماعة، حيث العشوائية واضحة كوضوح الشمس في منتصف النهار. من المثير للشفقة أن يتمكن بعض ممثلي السكان من الجلوس في مقاعدهم دون أي شعور بالمسؤولية، وكأنهم يعتقدون أن الأمور ستسير على ما يرام من دون تخطيط أو تنظيم. هل يعقل أن نصف ولاية بأكملها تمر دون خطة عمل واضحة، بينما تسير باقي الجماعات بخطط إستراتيجية تم إعدادها مع الاستعانة بأفضل الخبراء؟ يبدو أن الأمر يتطلب درسًا سريعًا في فن التنظيم.
البرمجة والتنظيم ليسا علمًا خفيًا، بل هما مهارتان يمكن أن تعلما حتى في الحضانة. يمكن لمجموعة من الأطفال أن تنظم حفلة عيد ميلاد أكثر كفاءة من بعض المسؤولين في جماعة المحمدية. إذًا، دعونا نبدأ بدروس بسيطة:
- تحديد الأهداف: أول خطوة في أي برنامج عمل هي تحديد الأهداف. لا يكفي أن تقول “نريد تحسين وضع المحمدية”، يجب أن تحدد ما هي بالضبط مجالات التحسين. هل في البنية التحتية؟ الخدمات الاجتماعية؟ أم مجرد تحسين مظهر الشوارع؟
- وضع خطة زمنية: الأمور لا تحدث بمجرد أن تتمنى ذلك. عليك وضع خطة زمنية واضحة، محددة بالأسابيع أو الأشهر. من دون جدول زمني، تبقى كل الوعود مجرد كلمات على ورق.
- توزيع المهام: إذا كانت جماعة المحمدية تعتقد أنها يمكن أن تدير الأمور عن طريق الجلوس على الطاولة وتبادل النظرات الفارغة، فعلى المعنيين أن يفكروا مرة أخرى. يجب تحديد من المسؤول عن ماذا، مع تسليم المهام إلى الأشخاص المناسبين.
- الشركاء والتعاون: لا يمكن لأي جماعة أن تحقق النجاح بمفردها. يجب أن تتعاون مع الشركاء، سواء كانوا منظمات غير حكومية، أو مجتمع مدني، أو حتى القطاع الخاص. التعاون يعزز من فعالية البرامج ويمنح المدينة قوة إضافية لتحقيق الأهداف.
- التواصل: التواصل الفعال هو العنصر الأهم. إذا كان المواطنون لا يعرفون ما يحدث، فلن يكون هناك أي مشاركة أو دعم. يجب أن تُعقد اجتماعات دورية لشرح ما يجري، بدلاً من إبقاء الجميع في ظلام العشوائية.
- التقييم والمراجعة: وأخيرًا، عليك مراجعة ما تم إنجازه بانتظام. لا يمكن أن يستمر برنامج العمل في العشوائية؛ يحتاج إلى التقييم الدوري للتأكد من أنه على المسار الصحيح.
إن جماعة المحمدية تحتاج إلى العودة إلى الأساسيات، حيث يُعتبر التنظيم والبرمجة من أهم أدوات النجاح. ولكن، حتى مع كل هذه النصائح، يبدو أنهم مستمرون في رحلتهم الفوضوية، معززين شعار “دع الأمور تسير كما تشاء”. لذلك، نبقى في انتظار الأعاجيب، حيث قد نرى يومًا ما إنجازات غير عشوائية تُسجل في تاريخ المحمدية!
هل من أمل في المستقبل؟
بينما تستمر المحمدية في السير على هذا الدرب الغريب من العشوائية، يبقى الأمل موجودًا. فالمدينة بحاجة إلى من يحمل على عاتقه رؤية واضحة وجرأة في اتخاذ القرارات. لكن مع الوضع الراهن، علينا أن نتساءل: هل سنظل نشاهد نفس العرض العشوائي في السنوات القادمة؟
ختامًا، في المحمدية، يبدو أن غياب برنامج العمل هو برنامج العمل الوحيد المتاح. ربما ينبغي علينا أن نتعلم كيف نحيا في ظل هذا الغياب، أو أن نبدأ بالتخطيط لكيفية الهروب إلى مدينة أخرى تحتضن التخطيط والتنظيم، بدلاً من الخوض في دوامة الفوضى التي لا تنتهي.