مجتمع

الإضراب في خدمة الأثرياء: كيف تحوّل العمال إلى نجوم ثانوية في مسرحية الحكومة الكبرى!

دابا ماروك

في مشهد درامي جديد على خشبة مسرح السياسات الاجتماعية بالمغرب، تتوالى فصول المواجهة المحتدمة بين الحكومة، بقيادة رجل الأعمال الأول عزيز أخنوش، والنقابات المشتعلة بالغضب. حيث يبدو أن الحكومة استيقظت ذات صباح، ربما بعد احتساء كوب منعش من زيت الزيتون الوطني، وقررت أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب يجب أن يمر بأي ثمن، حتى ولو كان هذا الثمن هو سحق ما تبقى من إرادة العمال والكادحين.

الخطوة لم تترك مجالاً للدهشة، فقد خرج الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أو “الباطرونا” كما يُعرف في الأوساط الشعبية، ليعلن أن “خطوة الحكومة منطقية”. وهنا تساءل الجميع: أي منطق يتحدثون عنه؟ ربما هو منطق الجيوب الممتلئة وأرصدة البنوك المتضخمة، ذلك المنطق الذي يرى في الإضرابات صداعاً غير مرغوب فيه، يعرقل سير القوافل التجارية التي يجب أن تمضي بأمان، حتى لو كان ذلك على حساب مطالب العمال البسطاء.

وفي ظل التصعيد غير المسبوق من قبل النقابات، والتي تحاول الآن الالتئام في حضن جبهة موحدة للدفاع عن حقوق العمال كمن يحاول الالتصاق ببقايا سفينة وسط إعصار، يتساءل المواطن البسيط عن سر هذا التآلف الغريب بين الحكومة ورجال الأعمال. لعلهم يتبادلون النكات في اجتماعات سرية، أو يتقاسمون أسرار خططهم في مطاعم فاخرة، بينما يقف المواطن الكادح في طوابير الانتظار للحصول على رغيف خبز غير منطق.

أما النقابات، فتستعد للحرب كمن يحشد أسلحته القديمة، ويحاول حفر الخنادق على رمال متحركة، مدركين أن الخصم أمامهم يجيد لعبة المال والسلطة بمهارة. إن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بقانون الإضراب لم يترك لهم سوى خيار الدفاع عن ما تبقى من كرامة العمال، وإن كان ذلك وسط صراخ أصحاب الأرصدة البنكية الذين يصرخون كما لو أنهم ضحية للعمال!

فيا عزيزي المواطن، لا تتعجب إن سمعت يوماً أن بعض رجال الأعمال أصبحوا محامين عن حقوق العمال، أو أن الحكومة تحاول إقناعك بأن كل ما تفعله هو من أجل مصلحتك الشخصية. إنها مسرحية اجتماعية بامتياز، ومع الأسف، لا تزال تُعرض على خشبة برلمان لا يعرف سوى لغة المصالح والصفقات المربحة.

شكراً عزيزتي الحكومة! لقد قدمتِ لنا دروساً مجانية في فنون التشريع على أنغام مصالح الكبار، فصفقوا يا قوم، فقد عاد بطل المسرحية ليعلن أن كل شيء في مصلحة الوطن… ولكن أي وطن؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى