دابا ماروك
في الدول الأغنى منا والتي تحترم شعوبها، نجد الوزراء يعيشون حياة بسيطة، مؤدين مهامهم بهدوء وفعالية دون أن يدخلوا في جدالات حادة مع أبناء الشعب. في هذه الدول، لا يميز الوزراء أنفسهم عن المواطنين العاديين؛ فقد تجدهم يمتطون دراجات عادية يتنقلون بها، ويسكنون في شقق متواضعة، ويعتمدون على وسائل النقل العامة بين الحين والآخر. بل إنهم لا يطلبون ترفاً أو مزايا تفوق ما يتمتع به عامة الناس، باستثناء النقاش المثمر والبناء مع المعارضة في البرلمانات، الذي يعزز من فعالية العمل البرلماني.
أما في المغرب، فتسود صورة مغايرة تماماً. هنا، يبدو أن الوزراء قد اختاروا أن يعيشوا حياة من الفخامة والتفاخر، حيث يمتطون سيارات فاخرة جداً تُظهر مستوى من الترف يختلف تماماً عن حياة المواطن العادي. ليس ذلك فحسب، بل إن هؤلاء الوزراء يتنقلون مع أسطول من السائقين، وكأنهم على عرش مملكة من المظاهر البراقة.
اللافت في هذا السياق، هو أن وزراء الدول الأخرى الذين يركبون الدراجات الهوائية، نجد أن متقاعديهم يعيشون حياة مريحة ومرفهة بعد سنوات من العمل، مما يعكس مدى احترام هذه الدول لمواطنيها بعد انتهاء فترة خدمتهم. بينما هنا في المغرب، حيث تمتاز الحياة السياسية بالتفاخر والترف، نجد أن المتقاعدين، الذين قضوا عقوداً في خدمة الوطن، يعانون من صعوبات مادية وشعور بالإهمال. هذه الفجوة تعكس عدم التوازن في توزيع الثروات والاهتمام الاجتماعي، إذ يبدو أن الفخامة والرفاهية تُخصص فقط للمسؤولين، في حين يظل المواطنون، بما في ذلك المتقاعدون، يعانون من تدني مستويات المعيشة.
وفي خضم هذا التباين، نجد أنفسنا، كدولة تستعد لاستقبال كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، في موقف محرج للغاية. كيف يمكننا أن ندعي التفوق الرياضي والاقتصادي بينما نواجه تحديات حقيقية في معالجة إشكالية أحياء الصفيح وتوفير ظروف معيشية لائقة لمواطنينا؟ هذه الأسئلة تطرح بقوة حول كيفية تحقيق توازن حقيقي بين الفخامة التي يعيشها المسؤولون وبين واقع الشعب الذي يعيش في ظروف صعبة.
إن المجتمعات التي تحترم شعوبها لا تميز بين الوزير والمواطن العادي، بل ترى في الأول خادماً للثاني، تعمل على تسخير كل إمكانياتها لخدمة الصالح العام دون إسراف أو تبذير. وفي هذا السياق، ربما يكون من الضروري أن يعيد الوزراء في المغرب تقييم كيفية عيشهم، والاهتمام أكثر بالأسس التي تبني جسور الثقة بينهم وبين المواطنين، بدلاً من أن يظلوا أسارى للترف والفخامة.