إصلاح التقاعد: ملحمة الحكومة وتوقعات 2025
دابا ماروك
في رواية ممتدة تُضاف إلى الأدب السياسي المغربي، ما زلنا ننتظر عرض الحكومة الموعود بشأن سيناريوهات إصلاح التقاعد، الذي تحول من مشروع مُعلن إلى سرٍ من أسرار الدولة. وكأن الأمر يدور حول خطة عسكرية لتحرير كوكب المريخ، وليس ملفاً عتيقاً يخص معاشات مواطنين ينتظرون بفارغ الصبر لحظة “الخلاص”.
وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، مرّت مروراً أنيقاً بمجلس النواب أواخر العام المنصرم لتُؤكد على الالتزام “الجدي” للحكومة بمباشرة الإصلاح. وكأن هذا الالتزام سيخرج غداً حاملاً حقيبةً مليئة بالحلول السحرية. ولأن الزمن في عالم السياسة مطاطي، فقد بدا تأخر الإصلاح، الذي وعدت به الحكومة في نهاية 2024، وكأنه “عطلة تقنية”. تأخر بسيط، لا يزيد عن ثلاثة أشهر، وهي مدة بالكاد تكفي المواطن البسيط لإنجاز ورقة إدارية واحدة!
المشهد الحالي؟ انتظار صامت.
النقابات، أو كما تُسمى “شركاء الحوار الاجتماعي”، لم يتلقوا “الخطوط العريضة” أو حتى “الدوائر الصغيرة”. مصدر نقابي أكد بلباقة قائلاً: “لا جديد تحت الشمس.”
أما “اللجنة المركزية لإصلاح التقاعد”، فتبدو وكأنها تحولت إلى اسم على ورق، تتجاذبها الرياح البيروقراطية في زوايا الإدارات.
السيناريوهات المتوقعة: عرض حكومي على طريقة المسلسلات
- رفع سن التقاعد تدريجياً إلى 63 سنة:
المقترح الذي يلاحق الموظف البسيط وكأنه لعبة “الغميضة”، حيث كلما اقترب من التقاعد، رفعوا له السن. الهدف؟ أن يصبح المواطن المتقاعد مرادفاً للمواطن العامل حتى آخر نفس. - زيادة نسبة المساهمات:
من 20% إلى 28% على مدى أربع سنوات. وكأن المواطن يعيش في “جنة الرواتب”، حيث الـ8% الإضافية لن تؤثر على فواتير الكهرباء، ولا أقساط السكن، ولا مصاريف المؤسسات الخاصة.
التفعيلات المرتقبة: تسلسل زمني أم خيال علمي؟
الحكومة، بمزاجها الفني الرفيع، قررت تحويل التقاعد إلى فيلم طويل. العرض الأولي سيُبث في يناير 2025، ما يعني أن “الإصلاح” قد يُصبح جاهزاً للمشاهدة قبل الانتخابات المقبلة بشهور. وكأننا في انتظار نهاية درامية لملحمة بطولية.
أما عن الحلول، فنتوقع:
- إعلان “ميثاق أخلاقي” جديد يطالب الموظف بالصبر والتضحية.
- إنشاء هيئة استشارية عليا تُشرف على تأجيل الإصلاح لعام إضافي.
- إطلاق وعود جديدة تُبقي الأمل قائماً بأن التقاعد سيكون أفضل… يوم القيامة.
الخاتمة: من يتحمل المسؤولية؟
الحكومة تؤكد أنها “لن تهرب من هذه المسؤولية”، ولكن المواطن وحده يتحمل الأعباء. رفع السن، زيادة الاقتطاعات، وغياب حلول جذرية كلها تجعل الإصلاح أشبه بمن يعالج صداعاً باستخدام مطرقة.
بين انتظار النقابات، و”التزام” الحكومة، وتقلبات السياسة، يبدو أن إصلاح التقاعد في المغرب يشبه غودو: ننتظر قدومه دون أن يظهر أبدًا.