دابا ماروك
ها هو فصل الصيف يودعنا، مودعاً بذلك بحرارة شمس الصيف التي تسببت لنا بكمية غير محدودة من العرق، والتصبب الرائع على الوجوه، والبقع المائية المشبوهة على الملابس. فصل الصيف الذي كان سبباً في ارتداء قبعات واسعة وتجنب أي مكان غير مكيف، لن يكون هنا لوقت طويل، وسنبدأ في استقبال فصل الخريف، الذي يُعَدُّ من أعظم أسرار الطبيعة، فهو الفصل الذي يتيح لنا التمتع بملابس خفيفة، لكن على نحو أقل ضغطاً، ورؤية أوراق الأشجار، وهي تتساقط كما لو كانت في عرض هزلي مميز.
الخريف في المغرب يعني عودة المدن والمناطق السياحية، خصوصاً الصغيرة مثل أصيلة، إلى حالتها الطبيعية. هناك سحر خاص في الأماكن السياحية الصغيرة عندما تهدأ حركة السير وتعود إلى تنقلات أقل فوضوية. أما الشواطئ، فهي تتحول إلى مناطق رومانسية فحسب، حيث يمكن للناس الاستمتاع بمساحات أكبر من الرمال لتصوير لحظاتهم الرومانسية، أو ربما لحظات الحزن على غروب الشمس.
لكن، ونحن نتحدث عن انتهاء فصل الصيف، نجد أن المغرب يواجه أزمة حقيقية تتعلق بندرة المياه. لذا، بدل أن نتمتع بالانتقال السلس إلى الخريف، نُحَاطُ بقلق مستمر حول كمية المياه المتوفرة. الجميع يأمل أن تسقط الأمطار السخية قبل نهاية السنة الميلادية. فنحن نريد أن نرى السماء تُهطل بمياهها، وتغسل الأرض العطشى، وتملأ السدود لتبقي الفلاحين سعداء، وتفتح أبواب الحمامات التقليدية التي أُغلِقَت بفعل الجفاف.
الكل ينتظر معجزة المطر بفارغ الصبر، فهي قد تكون طوق النجاة الذي ينقذ الأرض، ويسبب الزرع، ويعم الخير على الجميع. ففي حال تساقطت الأمطار، فإنها لن تجلب فقط الرطوبة للأرض، بل ستعيد لنا أيضاً أملاً متجدداً. قد تصبح تلك الأمطار التي ننتظرها أطيب من أي عطلة، وأعظم من أي فصل، لأنها ببساطة تمنح الحياة فرصة للتجدد والازدهار.
إلى حين ذلك، لا يسعنا سوى أن نتمنى أن يكون الخريف أكثر كرمًا في إهدائنا أمطارًا وفيرة، وأن تسهم في إعادة الحياة إلى الزرع والأرض، وتحقيق أحلامنا بموسم شتاء مزدهر ومثمر.