مجتمع

صحّتك بين يدي القدر.. والطبيب غاضب!

دابا ماروك

بينما يحتدم النقاش عالميًا حول الذكاء الاصطناعي، والسيارات ذاتية القيادة، واستيطان المريخ، يثبت قطاع الصحة العمومي لدينا مرة أخرى أنه يعيش في حقبة أخرى، حيث يبدو أن علاج الأمراض صار أبسط من علاج العلاقة بين الأطباء ووزارة الصحة.

لقد أصبح المشهد مألوفًا: نقابات صحية تتوعد بالإضراب، وأطباء يهددون بتعليق السماعات الطبية، ووزارة تتفنن في إتقان “لعبة الكراسي الموسيقية” مع الالتزامات. ولأننا شعب يؤمن بالإبداع، تم الإعلان عن برنامج نضالي لا يكتفي بالإضرابات التقليدية، بل يمتد ليشمل أسابيع غضب ووقفات احتجاجية أمام الوزارة. ماذا بعد؟ ربما نرى قريبًا مهرجانات احتجاجية مع عروض موسيقية مصاحبة!

الملف العالق: ألغاز العصر الحديث

اتفاق 23 يوليوز 2024 يبدو وكأنه أسطورة حضرية. كلما حاولنا فك لغزه، اتضح أن هناك طبقات جديدة من “العراقيل” و”الأولويات”. ربما تحتاج الوزارة إلى خريطة كنز لتنفيذ بنوده، أو ربما ترى أن التزاماتها مجرد توصيات “غير ملزمة”.

وفي مشهد درامي لا ينقصه شيء، قررت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام أنها لن تكتفي بالإضراب ليوم واحد أو اثنين، بل ستمنحنا سلسلة كاملة من حلقات التصعيد، مع “أسبوع غضب” يليق بمسلسل رمضاني. في هذه الأثناء، يواصل المرضى البحث عن بدائل، بدءًا من الوصفات التقليدية وصولاً إلى الصلوات والرقى.

الحكومة: حوار على طريقتها

وزارة الصحة بدورها تبدو وكأنها استعارت استراتيجيات التفاوض من برنامج ألعاب تلفزيوني. حينما تطالبها النقابات بتنفيذ التزاماتها، تجيب بأسلوب “اتصل بصديق” أو “انتظر للحلقة القادمة”. أما حين تحتدم الأمور، فالخطة البديلة هي الإغراق في الاجتماعات التي تنتهي ببيانات صحفية لا تحمل شيئًا سوى عبارات منمقة.

في الانتظار.. على أعتاب الفوضى

وسط هذا كله، يبدو المواطن المغربي وكأنه شاهد عيان في مسرحية عبثية. يذهب إلى المستشفى فيجد لافتة مكتوب عليها “إضراب شامل”، فيلجأ إلى أقسام المستعجلات التي بالكاد تعمل. هناك، يُدرك أن الاستعجال لا يعني بالضرورة السرعة، بل ربما يعني انتظارًا أطول مع مزيد من الإحباط.

نهاية غير سعيدة؟

إذا استمرت الأمور على هذا النحو، فقد يكون علينا أن نبتكر حلولاً جديدة لمشاكلنا الصحية: ربما نعتمد على التدريب الذاتي عبر الإنترنت، أو نطلق تطبيقات ذكية تشخص الأمراض وتعطي الوصفات الطبية. أما بالنسبة للحكومة والنقابات، فقد تحتاجان إلى وسيط جديد لإدارة الحوار: ربما مخرج سينمائي بارع يضفي لمسة إبداعية على هذا الصراع الذي يبدو أنه بلا نهاية.

وفي النهاية، يبقى الأمل معلقًا بين تصريحات غامضة، ووعود مؤجلة، ونضال مستمر. أما المواطن، فعليه أن يتحلى بالصبر.. أو يبحث عن وصفة سحرية للشفاء خارج المنظومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى