مجتمع

ترويج الألعاب الجنسية في المغرب: بين الانفتاح الرقمي والحفاظ على القيم الأخلاقية

دابا ماروك

في مجتمع عُرف بمحافظته وارتباطه القوي بالقيم الدينية والاجتماعية، برزت مؤخراً ظاهرة غريبة على منصات التواصل الاجتماعي. صفحات إلكترونية تخريبية، بجرأة غير مسبوقة، تتخصص في ترويج ألعاب جنسية مجهولة المصدر. هذا المشهد الذي يصطدم صراحةً مع أخلاقيات المجتمع المغربي أثار موجة استنكار واسعة، سواء من طرف الأفراد أو جمعيات حماية المستهلك، التي سارعت إلى التساؤل: كيف تمكنت هذه المنتجات من دخول السوق الرقمية المغربية؟

العولمة الرقمية: بوابة لانفتاح غير محسوب

لا يمكن إنكار أن العولمة الرقمية أحدثت تحولاً جذرياً في أنماط الاستهلاك والعادات الاجتماعية. وسائل التواصل الاجتماعي، التي كان يُنظر إليها كوسيلة للتواصل وتبادل الأفكار، باتت اليوم سوقاً مفتوحاً لكل شيء، بما في ذلك المنتجات التي تتعارض مع القيم المحلية. ولعل التساؤل الأكثر إلحاحاً هنا: هل نحن أمام غزو ثقافي يهدف إلى زعزعة أسس العلاقات الإنسانية السليمة، أم أن الأمر مجرد انعكاس لتغيرات عالمية لم نكن مستعدين لها؟

بين القانون والرقابة: فراغ تنظيمي أم قصور تنفيذي؟

القوانين المغربية تُجرم “الإخلال العلني بالحياء”، وهو ما يمكن تكييفه قانونياً لتجريم ترويج هذه المنتجات. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في كيفية فرض الرقابة على السوق الرقمية. فرغم وجود قوانين واضحة، فإن الرقابة الإلكترونية تبدو ضعيفة أمام سرعة وانتشار الإعلانات الرقمية عبر منصات دولية كـ”فيسبوك” و”إنستغرام”.

فما هي الحلول الممكنة؟ هل ينبغي تحديث القوانين لتواكب تطورات العصر الرقمي؟ أم أن الحل يكمن في تعزيز الشراكة مع المنصات العالمية لضمان احترام القوانين المحلية؟

دور الدولة في الحفاظ على القيم العامة

  • الدولة في المجتمعات ذات الطابع المحافظ، مثل المغرب، تُعتبر حامية للقيم المجتمعية. لذا، فإن ترويج هذه المنتجات يُنظر إليه كتهديد للهوية الثقافية والأخلاقية، مما يستدعي تدخلًا تنظيميًا من السلطات لضبط السوق الرقمية ومنع تسرب هذه الظواهر.
  • يمكن الاستناد إلى قوانين مثل “الإخلال بالحياء العام” لتجريم هذه الإعلانات، بشرط أن يكون هذا التدخل مدروسًا ومتناسبًا مع طبيعة المخالفة

الفضاء الرقمي وصعوبة الرقابة

  • التحدي الأكبر يكمن في أن هذه الإعلانات تُروج عبر منصات دولية، حيث يصعب فرض الرقابة المباشرة. لذا، يمكن للدولة أن تعتمد على التعاون مع هذه المنصات لتنقية المحتوى الذي يتعارض مع القوانين المحلية.
  • في الوقت نفسه، يجب تعزيز وعي المواطنين بشأن مخاطر هذه المنتجات وأبعادها الأخلاقية.

دور الإعلام والجمعيات المدنية

في ظل هذا التحدي، يُنتظر من الإعلام أن يكون شريكاً في نشر التوعية، بعيداً عن التهويل أو التبرير. بالمثل، تستطيع الجمعيات المدنية لعب دور حيوي في التوعية بمخاطر هذه الظواهر.

نحو حلول عملية

للخروج من هذا المأزق، يمكن اقتراح عدد من الخطوات العملية:

  1. تعزيز القوانين الرقمية: عبر تحديث التشريعات بما يتلاءم مع التحديات الحالية، مع إنشاء هيئة متخصصة لمراقبة الإعلانات الرقمية.
  2. حملات توعية وطنية: تشرح المخاطر المرتبطة بمثل هذه المنتجات، مع التركيز على أهمية الحفاظ على القيم.
  3. تعزيز الشراكات مع المنصات الدولية: لإزالة المحتوى المخالف للقوانين المغربية بشكل أسرع.

خلاصة

يجد المجتمع المغربي نفسه اليوم في مواجهة مع ظواهر جديدة تهدد قيمه وهويته. ومع أن هذه الظواهر قد تبدو في ظاهرها بسيطة أو سطحية، إلا أنها تفتح الباب لنقاش أعمق حول مستقبل العلاقات الاجتماعية في ظل الانفتاح الرقمي. التحدي الحقيقي يكمن في إيجاد توازن بين الانفتاح على العالم والحفاظ على الخصوصية الثقافية التي تميز المغرب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى