الضحك على الذقون: عندما تتحول الاتفاقيات الجماعية إلى وعود موسمية
دابا ماروك
في مشهد يتكرر كثيرًا داخل قبة البرلمان، وقف هشام صابري، كاتب الدولة المكلف بالشغل، ليُلقي علينا درسًا في “التوازن بين الإنتاجية وصوْن الكرامة”، وكأننا في قاعة جامعية لتعليم مبادئ الأخلاق المهنية!
بابتسامة عريضة لا تخلو من نكهة السخرية، طمأن صابري المستشارين بأن حكومته تتجه نحو تحقيق “ثورة في اتفاقيات الشغل الجماعية”. لكن هل تعلمون، أيها السادة، ما هي هذه الثورة؟ إنها ببساطة… كلمات منمقة تُكتب بحروف ذهبية في محاضر الاجتماعات، وتبقى حبيسة الأدراج!
ثلاثي المرح: النقابات، المشغلون، والسلطة
صباري تحدث عن “تضافر الجهود” بين ثلاثة أطراف: النقابات، المشغلين، والحكومة. وما أروع هذا الثلاثي! النقابات تدّعي الدفاع عن حقوق الأجراء، المشغلون يطالبون بخفض الضرائب، والحكومة تعد بتحقيق المستحيل. والنتيجة؟ جلسات حوار ماراثونية تنتهي بصور جماعية وحلويات فاخرات، بينما العامل البسيط ينظر إليهم من بعيد متسائلًا: “متى سيصلني نصيبي من هذا الكرم الحاتمي؟”.
السميك والسماك: زيادة بأثر رجعي… على الورق
أما عن مراجعة الأجور، فتلك حكاية أخرى. فقد أعلن صابري، بكل ثقة، عن رفع الحد الأدنى للأجور (السميك/السماك)، وكأن العامل المغربي سيستفيق غدًا ليجد رصيده البنكي قد انتفخ فجأة. لكن في الواقع، هذه الزيادة عادةً لا تتجاوز قيمة كوب قهوة في مقهى شعبي.
منصات التفاوض: عندما تتحول المشاكل إلى مؤتمرات
ولأن الحكومة تؤمن بالابتكار، قررت إنشاء منصة ثلاثية الأطراف “لحل النزاعات”. عظيم! ولكن هل تُحل النزاعات بالمنصات الإلكترونية أم بالقرارات الجريئة؟ يبدو أن هذه المنصة ستكون مجرد وسيلة لتبادل الرسائل والتهاني بين الأطراف المتنازعة.
صندوق التعويض: ضحايا السياسات في طابور الانتظار
ختامًا، أعلن كاتب الدولة بكل فخر أن حكومته أنفقت 40 مليار سنتيم سنويًا للتعويض عن فقدان الشغل. مبلغ ضخم، أليس كذلك؟ لكن لا تسألوا عن نسبة العمال الذين استفادوا فعليًا، لأن ذلك سيفسد “بهجة” الأرقام!
كلمة أخيرة
السيد صابري، شكراً على هذا العرض المسرحي الممتع، لكننا نُفضل أفعالًا تغني عن خطبكم الرنانة. فالكرامة التي تحدثتم عنها، ليست مجرد شعار لتزيين محاضر الاجتماعات، بل حق مشروع ينتظر أن يُترجم إلى أرض الواقع.