رياضة

هل تحاول الفرق المغربية قمع نزاهة التحكيم؟

دابا ماروك

من المفارقات الغريبة التي تشهدها كرة القدم المغربية أن الفرق التي تستفيد من أخطاء التحكيم – سواء كانت أخطاء غير مقصودة أو تحكيم متعمد – تجد نفسها بين أول من يرفع شعارات المطالبة بتحسين أداء الحكام وتصحيح التحكيم في المستقبل. وكأن هذه الفرق تحاول من خلال ذلك تأمين نفسها ضد أي إمكانية لقرارات غير مواتية في المباريات المقبلة، في عملية تبدو أشبه بسياسة “الوقاية الهجومية” أو محاولة استباق أي نزاهة تحكيمية قد تأتي لتصحح مسار المباريات القادمة.

البعض قد يرى أن هذا السلوك يدخل في إطار الضغط النفسي الممارس على الحكام، لإخضاعهم لضغوطات متواصلة تجعلهم يترددون في اتخاذ قرارات صارمة ضد هذه الفرق في المستقبل. فالتوجه للمطالبة بتصحيح التحكيم بعد الاستفادة من أخطائه يعكس تناقضًا صارخًا، لكنه ليس من قبيل الصدفة، بل هو جزء من تكتيك مُحكم يلعب على وتر “الضحية قبل الوقوع في الخطأ”.

أكثر ما يُحير المتتبعين هو أن هذه الفرق، بدلًا من الاكتفاء بما حصلت عليه من “عدالة تحكيمية مختلة”، تسعى إلى وضع الحكام في وضعية صعبة، حيث يتعرضون للانتقاد المستمر حتى بعد ارتكابهم أخطاء لصالح الفريق نفسه. هذه الاستراتيجية تضع الحكام في حيرة دائمة بين رغبتهم في تقديم مباريات عادلة وخوفهم من الانتقام الإعلامي أو الجماهيري الذي قد يصل إلى حد التشكيك في نزاهتهم أو تهديد مستقبلهم المهني.

إضافة إلى ذلك، تنعكس هذه الظاهرة على الفرق المنافسة التي تتضرر من هذه الأخطاء التحكيمية، والتي تجد نفسها في مواجهة فرق ليست فقط قوية داخل الملعب، بل أيضًا خبيرة في لعبة الضغط خارج الملعب. هنا تصبح المنافسة غير متكافئة، لأن الفريق المتضرر يواجه خصمًا يمتلك “ورقة تحكيمية” غير معلنة يُستخدم الضغط فيها كسلاح غير مباشر.

وعندما تتكرر هذه الظاهرة، تزداد الحيرة في أوساط المتابعين والجمهور الذي يشعرون بأن اللعبة لم تعد تُلعب على أرض الملعب فقط، بل أصبح لها أبعاد سياسية ونفسية تهدف إلى توجيه قرارات الحكام قبل انطلاق المباريات.

في النهاية، يبقى السؤال المطروح: هل هذه الفرق التي تطالب بالتحكيم النزيه حقًا تسعى للنزاهة أم أنها تُقمع نزاهة الحكام المرتقبين في المباريات الموالية لضمان استمرار سلسلة أخطاء التحكيم لصالحها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى