سياسةمجتمع

مستقبل المغرب: عندما يصل السكين إلى العظم

محمد صابر

في خضم الأحداث المتسارعة التي يعيشها المغرب اليوم، يقف المواطن المغربي حائرًا أمام واقع مرير. لا تكاد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية تخف، حتى تظهر أخرى أشد قسوة، وكأنّ البلاد دخلت في دوامة لا تنتهي من الإحباط والاستفزاز. والمشهد لا يقتصر على الغلاء المعيشي الذي صار كابوسًا يوميًا، بل يمتد ليشمل استهتارًا واضحًا بمطالب الشعب ومحاولاته المستميتة لانتزاع حقوقه.

وكأنّ الغلاء الذي أصبح كابوسًا للأسر المغربية لم يكن كافيًا، حتى جاءت الحكومة “المعسولة” لتضيف لمستها الخاصة عبر محاكمة طلبة الطب والصيدلة، كأنّ هؤلاء الشباب الذين من المفترض أن يكونوا أطباء المستقبل تحولوا إلى مجرمين بسبب مطالبهم المشروعة. فعوض أن تكافئهم الحكومة على مطالبهم لتحسين أوضاع التعليم الصحي، قررت أن تفتح لهم محكمة الإحباط، حيث يكون “التعليم” على لائحة الاتهام، و”الصحة” ضحية مؤجلة.

ولك الله يا شعب، فالطلبة الذين اختاروا النضال من أجل تعليم أفضل، يجدون أنفسهم أمام محاكمات عبثية، فقط لأنهم تجرأوا على الإضراب والمطالبة بحقوقهم! الحكومة لا تعرف سوى لغة القمع. بدل أن تجلس إلى طاولة الحوار، تفضل التلويح بقوانين تقمع الإضراب، وكأنها تقول: “من يفتح فمه بالإضراب، سنضع له كمامة من شوكولاتة، والويل له إن لم يستمتع بالطعم!”

أما بالنسبة لأخنوش، رئيس هذه الحكومة العجيبة، فإن موقفه من استئناف مصفاة سامير يعكس الفوضى التي تعيشها البلاد. فهو لم يتردد في وضع الفيتو على إعادة تشغيلها، علما أن شركته تستفيد من توزيع البنزين في جميع المناطق المغربية، بل إنه يستورد الوقود بنفسه، متجاهلًا أزمة الطاقة التي يعاني منها الشعب. وكأنّ استهتاره بواقع المواطن لا يكفي، إذ يواصل التحرير غير المدروس للقطاع الذي أفرغ جيوب المواطنين، تاركًا إياهم في دوامة من الاستغلال والفوضى.

قانون قمع الإضراب: شوكولاتة مرّة بطعم القمع

إذا لم يكن الغلاء المعيشي والقمع كافيين، تأتي حكومة “الظل” لتجعل الأمور أكثر تعقيدًا عبر تمرير قوانين قمع الإضراب، وكأنها تود أن تُعلم المغاربة درسًا في الخنوع والطاعة. فأي محاولة للتعبير عن السخط أو المطالبة بالحقوق تُقابل بسلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى كسر إرادة الشعب. والرسالة واضحة: “إما أن تصمتوا وتتحملوا، أو ستواجهون محاكمات تحت شعار ‘لا صوت يعلو فوق صوت الحكومة’!”

ولأن الغلاء المعيشي الذي يسحق كل مغربي في لقمة عيشه اليومية ليس كافيًا، وكأن استهتار الحكومة بصرخات الناس المتكررة لا يكفي، يأتي قانون قمع الإضراب كالقشة التي قصمت ظهر البعير. كيف يمكن للشعب أن يتحمل هذه الصفعات المتتالية دون أن يُسمح له حتى بالتعبير عن ألمه؟ فالغلاء الذي يزحف كالنار في الهشيم يلتهم كل ما تبقى من كرامة المواطن، بينما الحكومة تواصل الصمت أو الوعود الزائفة التي تذوب في الهواء أسرع من شوكولاتة الوزير.

الغلاء المعيشي: استفزاز بطعم المعاناة

لقد صار الغلاء المعيشي،مثل لعنة لا تفارقنا. كل يوم، نواجه زيادات في الأسعار لا تتناسب مع الأجور “التافهة” التي لا تغني ولا تسمن من جوع. كيف يمكن للمواطن أن يعيش وهو عاجز عن توفير أبسط مقومات الحياة؟ الخبز، الحليب، الغاز، الوقود… كل شيء يزداد سعره بشكل جنوني، بينما الحكومة التي أفرزتها صناديق الاقتراع والله أعلم، تكتفي بمشاهدة المشهد من بعيد، كأنها تلعب دور المتفرج في مسرحية عبثية لا نهاية لها.

يا حكومة الشوكولاتة، كفاكم استهتارًا بالشعب. أنتم تعيشون في أبراجكم العالية، بينما المواطن المغربي يغرق في المعاناة يومًا بعد يوم. تستفزونه بمحاكمات عبثية لطلبة الطب والصيدلة، تقمعون صوته وصوت الطبقة الشغيلة المقهورة بقوانين الإضراب، وترفعون الأسعار كأنكم تتسابقون إلى خط النهاية في سباق الجشع. فهل تتوقعون أن يتحمل هذا الشعب أكثر من ذلك؟

النهاية أم بداية ثورة صامتة؟

ربما نحن على أعتاب ثورة صامتة. الشعب بدأ يدرك أن الحكومة الحالية ليست سوى واجهة، وأن القرارات الحقيقية تصدر من “حكومة الظل” التي لا نراها، ولكن نشعر بآثارها كل يوم. حكومة تختبئ في الظلال، بعيدة عن المحاسبة والمساءلة، بينما تترك الشعب يصارع الغلاء والمحاكمات وقوانين القمع.

وفي النهاية، نقول الله يجعل البركة في حكومة الظل، التي لا تتحاسب ولا تتكلم. نحن هنا نمارس حريتنا في الصبر، وننتظر اليوم الذي يشرق فيه فجر جديد على المغرب، بعيدًا عن شوكولاتة الوزراء وقوانين القمع وأسعار الغذاء التي تحلق في السماء.

إن المغرب يشهد اليوم أخطر الأزمات غير المسبوقة في تاريخه. إننا ندق ناقوس الخطر ونحذر من العواقب الوخيمة التي قد تترتب على استمرار هذا الوضع المتدهور. فالشعب لم يعد قادرًا على تحمل هذه الضغوط المتزايدة، وأصوات الاحتجاج تتعالى في كل زاوية. إن مطالبنا هي مطالب مشروعة، ولا يمكن تجاهلها أو قمعها بقوانين جائرة. نحن بحاجة إلى تغيير حقيقي، لا مجرد وعود فارغة. فالوقت قد حان لتأخذ “الحكومة” بزمام المبادرة وتضع مصلحة المواطن في المقدمة، بدلًا من الاستمرار في استنزاف طاقاته وموارده. إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإننا قد نشهد انفجارًا اجتماعيًا لا يُحمد عقباه. لذا، يجب أن نعمل جميعًا، من أجل بناء مغرب أفضل، يضمن للجميع كرامتهم وحقوقهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى