مجتمع

موقف الكونفدرالية الديمقراطية للشغل من مشروع القانون التنظيمي للإضراب: رفض للتقييد وتأكيد على الحقوق النقابية

دابا ماروك

توصل موقعنا “دابا ماروك”من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بنسخة من المراسلة التحذيرية الموقعة باسم كاتبها العام عبد القادر الزايير، والموجهة إلى  رئيس مجلس النواب ومعه رؤساء الفرق بنفس المجلس بشأن مشروع القانون التنظيمي للإضراب.

تعبر الرسالة عن قلق النقابة من الخطوات التي تتخذها الحكومة فيما يتعلق بهذا المشروع، وتحذر من تجاهل التوافقات التي تم الاتفاق عليها في الاتفاق الاجتماعي الموقّع بتاريخ 30 أبريل 2022 ومحضر تنفيذه في 30 أبريل 2024.

“يتشرف المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن يتوجه إليكم بهذه الرسالة لنؤكد لكم من خلالها على موقف الكونفدرالية الديمقراطية للشغل الرافض لمشروع القانون التنظيمي للإضراب وتوضيح أسباب رفضنا له. كما في علمكم، تضمن الاتفاق الاجتماعي 30 أبريل 2022 ومحضر تنفيذه الموقع يوم 30 أبريل 2024 التزامات واضحة للحكومة بضرورة التوافق حول مشروع القانون التنظيمي للإضراب قبل مناقشته في البرلمان، وهو ما لم تلتزم به وهي تبرمج النقاش التفصيلي لمواد المشروع يوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024، رغم أنه لم يتم الاتفاق نهائيا مع النقابات على مضامين ومواد هذا المشروع، وهو ما يعتبر خرقا لمنهجية التوافق وهروبا إلى الأمام من طرف الحكومة ومحاولة لفرض الأمر الواقع في تجاهل تام لرأي الحركة النقابية و كذلك للرأي الاستشاري للمؤسسات الدستورية التي أحيل عليها المشروع (المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، المجلس الوطني لحقوق الإنسان).

على مستوى المضامين، ترفض الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مشروع القانون التنظيمي للإضراب لمجموعة من الاعتبارات نوجزها فيما يلي:

توصل موقعنا من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بنسخة من المراسلة التحذيرية الموقعة باسم زعيم النقابة عبد القادر الزايير، والموجهة إلى رؤساء الفرق بمجلس النواب بشأن مشروع القانون التنظيمي للإضراب. تعبر الرسالة عن قلق النقابة من الخطوات التي تتخذها الحكومة فيما يتعلق بهذا المشروع، وتحذر من تجاهل التوافقات التي تم الاتفاق عليها في الاتفاق الاجتماعي الموقّع بتاريخ 30 أبريل

  1. القانون يخرق مبادئ منظمة العمل الدولية وتوصياتها، بما في ذلك الإعلانات التي صادقت عليها الدول الأعضاء، وآخرها إعلان الذكرى المئوية لمنظمة العمل الدولية الصادر في مؤتمرها بجنيف يوم 21 يونيو 2019. كما أن المشروع لا يحترم روح الاتفاقية الدولية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية الحق النقابي، والتي لم يصادق عليها المغرب حتى الآن، رغم كونها تعتبر إلزامية وضرورية. تعتبر لجنة الحرية النقابية بمنظمة العمل الدولية الإضراب حقاً أساسياً، ووسيلة للأجراء والمنظمات النقابية للدفاع عن مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية والمهنية.
  2. المشروع مخالف لأصل دسترته الذي يستند إلى ضمان الحق في الإضراب وشرعيته التاريخية، ويضمن حق ممارسته لجميع المواطنين. كما يتعارض المشروع مع المهام الدستورية الموكلة للنقابات، التي تهدف إلى حماية مصالح الأجراء والدفاع عن حقوقهم.
  3. المشروع يفتقر إلى ديباجة أو مذكرة تقديمية توضح ضمان الحق في ممارسة الإضراب، باعتباره حقًا مضمونًا دستوريًا ومكفولًا بالتشريعات والمواثيق والاتفاقيات الدولية. هذا الإغفال يشير إلى تجاهل الحكومة لأهمية هذا الحق في السياق القانوني الوطني والدولي.
  4. المشروع يعتمد على تعاريف ومفاهيم غير مكتملة، وبعيدة عن الإطار الحقوقي المتعارف عليه، كما أنها لا تتماشى مع التعريفات المعتمدة من قبل منظمة العمل الدولية. هذا النهج يسعى إلى تقييد أو منع ممارسة الحق في الإضراب، مما يضعف دور النقابات ويفتح المجال لتأويلات متعددة قد تؤثر سلبًا على حقوق الأجراء.
  5. المشروع يقتصر على حق الإضراب لفئة الأجراء في القطاعين العام والخاص، مما يقصي العديد من الفئات داخل المجتمع مثل المهنيين، والطلبة، والعمال المستقلين، وغيرهم. وهذا يتعارض مع ما ينص عليه الدستور في الفصل 29 الذي يضمن الحق في التنظيم والنقابة لجميع المواطنين.
  6. المشروع قيد بشكل كامل ممارسة حق الإضراب، مما قلص من مجالاته وجعله محدودًا وبدون تأثير. كما منع العديد من أشكال الإضراب، سواء بشكل صريح أو ضمني. وفقًا لمنظمة العمل الدولية، فإن جميع أشكال الإضراب مشروعة، بما في ذلك الإضراب السياسي والتضامني، طالما تحافظ على الطابع السلمي. ومنعت أيضًا عرقلة الإضراب تُعتبر تعديًا على حق ممارسة الإضراب، مما يقلل من الوسائل المتاحة للنقابة للدفاع عن مصالح أعضائها ومنخرطيها، ويعد تقييدًا لحقها في تنظيم أنشطتها، وهذا يتعارض مع مبادئ الحرية النقابية.
  7. يؤسس المشروع لمسار معقد وتعجيزي لقرار الإعلان عن الإضراب، حيث يفرض مسطرة التبليغ التي تجعل القيام بإضراب شرعي أمرًا مستحيلًا. بالإضافة إلى ذلك، يعمل المشروع على فرض شروط طويلة وشاقة تسبق الإضراب، تتعلق بالتفاوض والمصالحة والتحكيم، مما يصعّب الدعوة إلى إضراب قانوني.
  8. بالإضافة إلى اعتماد المشروع على إجراءات معقدة تصل إلى حد استحالة ممارسة الحق في الإضراب، فإنه يتجاوز ذلك إلى ممارسة التخويف والترهيب من خلال تهديد الأجراء بإجراءات تستهدفهم بشكل مباشر، سواء ماديًا أو قضائيًا، بما في ذلك العقوبات الجنائية الشديدة والتعويض عن الخسائر المالية. وتعتبر منظمة العمل الدولية هذه الإجراءات قيودًا على إمكانية النقابات في الدفاع عن حقوق الأجراء، كما تقيّد إحدى أهم الوسائل المتاحة للعمال للدفاع عن مصالحهم. وتؤكد على ضرورة حماية العمال من هذه الإجراءات التعسفية (مثل العقوبات والسجن والتعويض عن الخسائر والعمل القسري)، حيث لا يجوز بأي حال من الأحوال تطبيق عقوبات جنائية على العمال الذين يشاركون في الإضراب.
  9. ينحاز المشروع بشكل واضح للمشغل، حيث يمنحه السلطة الإدارية والتنفيذية داخل المقاولة، بالإضافة إلى التحكم في السلطة التنظيمية والتشريعية، فضلاً عن السلطة التأديبية. وهكذا، يعيد المشروع جميع هذه السلطات إلى المشغل في مجال ممارسة حق الإضراب، مما يتيح له الحد من هذا الحق أو منعه أو إضعاف تأثيره. كما أن المشروع يضع السلطة العمومية والسلطة القضائية تحت تصرف المشغل.
  10. يفتح المشروع مجالاً واسعاً لتدخل السلطة العمومية في ممارسة حق الإضراب، مثل تعليق الإضراب عندما يتعلق الأمر بالخدمات الأساسية. وفي هذا السياق، تؤكد منظمة العمل الدولية أنه لا ينبغي للسلطات اللجوء إلى هذه الإجراءات إلا في الحالات التي تهدد القانون بشكل خطير. ويعتبر استخدام أجهزة الأمن لإنهاء الإضراب انتهاكًا صارخًا للحقوق النقابية.
  11. إن اعتماد السلطة العمومية على الإكراه من أجل استمرار المرافق العمومية، كما ورد في المشروع، يدخل في نطاق العمل الجبري ويعتبر خرقًا للاتفاقيتين الدوليتين 29 و105 الأساسيتين اللتين صادق عليهما المغرب.
  12. عمل المشروع على توسيع غير مبرر للفئات والقطاعات التي يحرمها ويمنعها من حق ممارسة الإضراب بشكل كلي. ومن المعروف، حسب منظمة العمل الدولية، أن ممارسة الإضراب لا يهدد بشكل أساسي أو آنٍ الصحة والسلامة والأمن. ومن جهة أخرى، فإن هذا المنع يأتي دون أي ضمانات تعويضية تتيح لهذه الفئات الدفاع عن حقوقها المهنية والاجتماعية بشكل فعال وسريع مع الجهات والسلطات المختصة.
  13. يؤكد المشروع أن حرية العمل مضمونة للأجراء غير المضربين، وبالمقابل يمنع المضربين من احتلال أماكن العمل خلال مدة سريان الإضراب. ومع ذلك، تشير لجنة الحريات النقابية بمنظمة العمل الدولية إلى مشروعية الاعتصام سلمياً في أماكن العمل ودعوة العمال الآخرين للانضمام إلى الإضراب. كما اعتبرت اللجنة استخدام عمال من خارج المنشأة ليحلوا محل العمال المضربين اعتداءً على حق الإضراب والحرية النقابية.

كما أن الحكومة لم تصادق حتى الآن على الاتفاقية الدولية 87، التي تُعتبر مرجعًا أساسيًا في ضمان حق الإضراب. ولم تعمل على إلغاء أو مراجعة التشريعات والمقتضيات القانونية التي تنتهك الحرية النقابية، بما في ذلك إلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي، الذي يتم بموجبه اعتقال ومحاكمة المسؤولين النقابيين بدعوى عرقلة حرية العمل.

وإذ نؤكد لكم السيد الرئيس، أنه لم يحصل أي توافق مع الكونفدرالية الديمقراطية للشغل حول مشروع القانون التنظيمي للإضراب، وأن الحكومة لم تحترم التزاماتها المتضمنة في الاتفاق الاجتماعي، وهو ما يتناقض مع شعار الدولة الاجتماعية ويفند خطاب إعطاء الأهمية للحوار الاجتماعي. كما أن الحكومة تجاهلت رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان باعتبارهما مؤسستين دستوريتين أحيل عليهما طلب الرأي من طرف البرلمان. وبذلك تكون الحكومة قد اختارت مقاربة انفرادية تضرب مؤسسة الحوار الاجتماعي كإطار للتفاوض حول كل الملفات والقضايا الاجتماعية، ولم تعتمد المقاربة التي ساهمت في إخراج مدونة الشغل إلى حيز الوجود والتي اعتمدت تفاوضًا وتوافقا بين أطراف الإنتاج وبالتالي صادق عليها البرلمان بالإجماع.

وعليه، فإننا نطلب منكم السيد الرئيس المحترم، إعطاء مشروع القانون التنظيمي للإضراب الأهمية التي يستحقها ومطالبة الحكومة بإعادته لطاولة الحوار الاجتماعي من أجل التوافق حول مضامينه بما يتلاءم مع الدستور والمواثيق الدولية. خاصة أن بلادنا تنتظرها تحديات كبرى في المجال الاجتماعي ذات أولوية قصوى، مثل ارتفاع مستويات الفقر والبطالة وغلاء الأسعار والفساد، وعلى مستوى توسيع مجال الحريات وضمنها الحريات النقابية وفي قلبها الحق في الإضراب.

وتفضلوا، بقبول فائق عبارات التقدير والاحترام”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى