مجتمع

قانون العنف ضد النساء: رحلة التعديل من دون وصول… والجميع يوقّع على الأثر!

دابا ماروك

في عالم السياسة المغربية، ما إن يُطرح موضوع مراجعة قانون حتى تبدأ معركة التعديل والتوافق وكأننا نتحدث عن برنامج مسابقات تلفزيوني، وليس عن حقوق نصف المجتمع! هنا يأتي الحديث عن “قانون مناهضة العنف ضد النساء 103-13″، الذي يحظى الآن بإجماع غير مسبوق، لا من باب الشفقة على النساء طبعًا، بل لأن الجميع يريد وضع بصمته على هذا النص التشريعي، كأنه مشروع خيري جديد.

الأمر بدأ بحديث رائج عن ضرورة “مراجعة القانون بإصدار قانون شامل للقضاء على العنف ضد النساء”، وكأن المراجعات السابقة كانت مجرد تحضير للمراجعة الكبرى القادمة. في هذا السياق، لا يمكن أن تمر هذه الفرصة على الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب مرور الكرام، فطالبت سريعًا بتعديل القانون، وجعلت هذا المطلب يبدو كأنه أكبر اكتشاف منذ اختراع العجلة.

أما نواب البرلمان، فلا تفرّق بين أغلبية أو معارضة؛ الكل يغني على ليلاه في هذه اللعبة المشتركة. تقول المعارضة إن القانون “ظل بلا أثر على أرض الواقع” – وكأنهم يتحدثون عن شبح يتجول بين أزقة القانون المغربي، لا يسمع أحدًا ولا يُرى. من جانبهم، نواب الأغلبية يبدون متحمسين للفكرة؛ فكل نص تشريعي، كما يقال، “يجلب ملاحظات موضوعية”، ولكن السؤال هنا: من أين تأتي هذه “الملاحظات الموضوعية” بعد أن كانوا هم من صوّتوا على هذا النص أصلاً؟

في ختام المسرحية، الجميع متفق – الأغلبية، المعارضة، وحتى الحكومة! الكل متحمس لتعديل القانون بعد تحقيق “التوافق”، لأننا بالطبع نحتاج إلى “التوافق” قبل أن نحمي النساء. في النهاية، يبدو أن النص التشريعي هو الضحية، حيث يظل التعديل مطلبًا ملحًا، لا لأنه سيغير حياة النساء، بل لأن الجميع يريد أن يضع توقيعه على لوحة التشريعات المغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى