الأنانية في المجال السياسي في المغرب: مظاهرها وتأثيراتها على التنمية والمجتمع
دابا ماروك
الأنانية في المجال السياسي ليست ظاهرة جديدة، بل هي إحدى التحديات التي تواجه العديد من الدول، ومنها المغرب. تتجلى الأنانية السياسية في تغليب المصالح الشخصية والفئوية على حساب المصلحة العامة، مما يؤدي إلى تعثر التنمية، إضعاف الثقة في المؤسسات، وعرقلة التقدم الاجتماعي والاقتصادي.
مظاهر الأنانية في السياسة المغربية
- استغلال النفوذ لتحقيق مصالح شخصية:
كثيرًا ما تُستغل المناصب السياسية للحصول على امتيازات مادية أو مكانة اجتماعية خاصة، بدلاً من خدمة الصالح العام. يظهر ذلك في صفقات مشبوهة، استغلال الأراضي، أو منح مشاريع كبرى لمقربين، مما يحرم المجتمع من توزيع عادل للثروات. - التهافت على المناصب بدل الكفاءة:
يلاحظ أن بعض السياسيين يسعون إلى المناصب فقط لتحقيق مكاسب شخصية، دون مراعاة مدى كفاءتهم أو قدرتهم على خدمة الشعب. وهذا يؤدي إلى ضعف الأداء المؤسساتي وغياب الإصلاحات الحقيقية. - التهاون في حل القضايا الوطنية الكبرى:
تُظهر الأنانية السياسية في حالات عديدة غياب التعاون بين مختلف الأحزاب والقوى السياسية، حيث يفضل البعض إضعاف الآخر بدلًا من العمل المشترك لخدمة القضايا الكبرى مثل البطالة، التعليم، أو الصحة. - الازدواجية بين الخطاب والممارسة:
بينما يُرفع شعار خدمة المواطنين في الحملات الانتخابية، تتحول الأولويات بعد الفوز إلى خدمة الذات أو الدائرة الضيقة للسياسي.
الأسباب وراء تفشي الأنانية السياسية
- غياب المحاسبة والشفافية:
غياب الرقابة الحقيقية والمحاسبة الصارمة يسمح لبعض السياسيين بالتصرف بأنانية دون الخوف من العواقب. - ضعف الوعي السياسي لدى المواطنين:
يساهم ضعف الثقافة السياسية لدى شريحة واسعة من المجتمع في تسهيل استغلال السياسيين للمناصب لتحقيق مكاسبهم. - تراجع أخلاقيات العمل السياسي:
الانشغال بالمكاسب الفورية على حساب المبادئ السياسية والأخلاقيات أدى إلى تفاقم الأنانية في المجال السياسي. - التركيبة الحزبية:
التشتت الحزبي في المغرب يؤدي إلى نزاعات داخلية على السلطة بدلًا من توجيه الجهود نحو تحقيق التنمية المستدامة.
تأثير الأنانية السياسية على التنمية والمجتمع
- تعطيل عجلة التنمية:
عندما تُفضل المصالح الشخصية على المشاريع التنموية الكبرى، تبقى قطاعات حيوية كالتعليم والصحة والبنية التحتية في حالة ركود. - تآكل الثقة في المؤسسات:
تضعف الأنانية السياسية الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، مما يؤدي إلى زيادة العزوف عن المشاركة السياسية، سواء من خلال التصويت أو الانخراط في الأحزاب. - تعميق الفوارق الاجتماعية:
تؤدي الأنانية إلى احتكار الثروات والفرص من قبل فئة قليلة، مما يزيد من التفاوت الاجتماعي والاقتصادي. - انتشار الفساد:
عندما يصبح السعي وراء المصالح الشخصية أولوية، تتفاقم مظاهر الفساد التي تؤثر على الاقتصاد والمجتمع ككل.
كيفية الحد من الأنانية السياسية
- تعزيز دور المجتمع المدني:
يشكل المجتمع المدني رافعة مهمة لمحاسبة السياسيين وتوعية المواطنين بأهمية اختيار ممثلين ذوي كفاءة ومسؤولية. - إرساء مبادئ الشفافية والمحاسبة:
يجب وضع آليات صارمة لمراقبة أداء السياسيين، وضمان محاسبة كل من يتورط في استغلال السلطة. - تشجيع الكفاءات على العمل السياسي:
من المهم خلق بيئة تشجع الكفاءات الوطنية على الانخراط في العمل السياسي بدلًا من احتكاره من قبل نخب محدودة. - رفع مستوى الوعي السياسي:
تحتاج الدولة والمجتمع إلى تعزيز التربية على المواطنة والوعي السياسي في المناهج الدراسية ووسائل الإعلام. - إصلاح المنظومة الحزبية:
يتطلب الوضع تعزيز الديمقراطية الداخلية في الأحزاب وإعداد برامج واقعية تركز على احتياجات المواطنين.
خاتمة
الأنانية في المجال السياسي تُعد عقبة حقيقية أمام تحقيق التنمية المستدامة وبناء مجتمع عادل. لذلك، يتطلب التصدي لها تضافر الجهود بين الدولة والمجتمع، والعمل على تعزيز ثقافة المواطنة والشفافية. المغرب بحاجة إلى سياسيين يضعون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، فالنجاح الحقيقي يكمن في خدمة الشعب وتحقيق تطلعاته، وليس في تحقيق مكاسب فردية زائلة.