مجتمع

كورنيش المحمدية: مشروع بـ200 مليون درهم يتحول إلى ملعب للعبث والتخريب!

دابا ماروك

مشروع تهيئة “كورنيش” المحمدية يُعَدُّ من أبرز المشاريع التنموية التي تسعى إلى تعزيز جاذبية المدينة وإبراز مقوماتها السياحية والاقتصادية. المشروع، الذي رصدت له كلفة إجمالية تقدر بـ200 مليون درهم، يمثل نموذجًا للاستثمار المشترك بين مختلف الجهات الممولة: وزارة الداخلية (المديرية العامة للجماعات الترابية) بـ125 مليون درهم، والجماعة الحضرية للمحمدية بـ40 مليون درهم، ومجلس عمالة المحمدية بـ35 مليون درهم.

أهداف المشروع وأهميته:

  1. البعد الاقتصادي:
    يهدف المشروع إلى تنشيط الاقتصاد المحلي عبر استقطاب الزوار من داخل المغرب وخارجه، مما يعزز الحركة التجارية والسياحية، ويدعم الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة.
  2. البعد الاجتماعي والثقافي:
    عبر إنشاء مرافق للعروض الثقافية ومناطق الترفيه، يساهم الكورنيش في توفير فضاءات تعزز التفاعل الاجتماعي بين مختلف الفئات العمرية، إلى جانب تنظيم أنشطة ثقافية ورياضية تدعم اندماج الشباب والأطفال.
  3. البعد البيئي:
    يشمل المشروع إعادة تأهيل المنطقة الساحلية وتوفير مساحات خضراء تضفي جمالية على الشاطئ، مما يساهم في الحفاظ على البيئة البحرية ويعزز الاستدامة.

المرافق الرئيسية:

  • المسرح والمدرجات:
    مساحة ترفيهية تتسع لاستقبال العروض الفنية والثقافية، ما يجعل الكورنيش منصة حيوية للإبداع والابتكار.
  • المقطع الرياضي:
    تصميم ممشى بحري يمتد على حوالي 32 مترًا، مجهز بملاعب رياضية ومرافق تخدم عشاق الرياضة والنشاط البدني.
  • مرافق الشباب والأطفال:
    مناطق للألعاب المائية وألعاب الأطفال داخل الشاطئ، مما يعزز متعة الزوار ويخلق بيئة ترفيهية مناسبة للعائلات.

التحديات التي تواجه المشروع:

رغم أهمية المشروع ونجاحه الأولي في تحسين البنية التحتية للمدينة، فإنه يعاني من مجموعة من الإشكاليات التي تهدد استدامته، وأبرزها:

  1. التخريب والإتلاف:
    تعدد مظاهر العبث بالمعدات والمرافق نتيجة لعقلية بعض الأفراد الذين يفتقرون إلى حس المواطنة والمسؤولية الاجتماعية. هذا السلوك لا يؤثر فقط على جمالية المشروع، بل يتسبب في تكاليف إضافية للصيانة والترميم.
  2. ضعف الحراسة:
    غياب نظام فعال لحراسة المرافق أدى إلى تفاقم التخريب. في ظل وجود موظفين أشباح داخل الجماعة الحضرية، يُطرح تساؤل عن جدوى عدم تخصيص موارد بشرية كافية لمراقبة هذه المرافق.
  3. الافتقار إلى الوعي العام:
    عدم توعية الساكنة بأهمية الحفاظ على هذه المنشآت كملكية عامة يشكل عائقًا أساسيًا أمام تحقيق الأهداف التنموية للمشروع.
  4. الصيانة الدورية:
    غياب خطط صيانة مستدامة يُسهم في تسريع تدهور المرافق، مما يهدد بفقدان هذه الاستثمارات قيمتها على المدى البعيد.

مقترحات لتعزيز استدامة المشروع:

  1. تعزيز الحراسة:
    يتطلب الأمر تكليف مستخدمين جماعيين مختصين بحراسة المرافق، مع تزويدهم بتدريبات متعلقة بحماية الممتلكات العامة والتعامل مع حالات التخريب.
  2. تفعيل العقوبات:
    يجب العمل على تطبيق قوانين صارمة ضد مرتكبي التخريب، بالإضافة إلى تنظيم حملات تحسيسية لتوضيح العقوبات القانونية المرتبطة بهذا السلوك.
  3. إشراك المجتمع المدني:
    يمكن تعزيز دور الجمعيات المحلية في نشر ثقافة الحفاظ على المرافق العامة عبر تنظيم ورش توعية وحملات تنظيف دورية.
  4. تبني التكنولوجيا:
    تركيب كاميرات مراقبة متطورة في مختلف أنحاء الكورنيش لرصد حالات التخريب والتدخل بسرعة.
  5. تشجيع الشراكات:
    تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في الكورنيش، سواء من خلال تشغيل المرافق أو تنظيم الفعاليات، لضمان التمويل المستدام للمشروع.

كورنيش المحمدية بين الطموح التنموي وواقع التخريب

تهيئة “كورنيش” المحمدية مثال على الجهود الرامية إلى تطوير المدن المغربية وتعزيز جاذبيتها. لكن نجاح المشاريع التنموية لا يقتصر على التشييد فحسب، بل يعتمد بشكل أساسي على حسن تدبيرها واستدامتها. إن مشكلتي التخريب والإهمال ليستا قضايا فردية، بل تعكس واقعًا أكبر يرتبط بثقافة المجتمع ومسؤولية المؤسسات.
لذلك، ينبغي أن تكون هناك مقاربة شاملة تتضافر فيها الجهود بين المجلس الجماعي الذي يغط في النوم العميق والمجتمع المدني والقطاع الخاص، من أجل تحقيق الأهداف المنشودة وضمان استدامة المشروع كإرث حضري يعود بالنفع على الأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى