سياسة

تبون: الناطق الرسمي للكابرنات، أسطورة الكذب في العصر الحديث!

محمد صابر

إذا سألنا المجتمعات التي تتعقب الأحداث السياسية حول العالم: “من هو أشهر كذاب في العالم؟”، فستكون الإجابة متوقعة، بل وبشكل واضح كالنجم في سماء الليل: “الناطق الرسمي للكابرنات!” لكن دعونا نوضح، من هم هؤلاء الكابرنات الذين يحملون هذا اللقب؟ “الكابرنات” هو جمع كلمة “كابران” الفرنسية التي تعني “رقيب”، وهو اللقب الذي كان يحمله هؤلاء في أيام الاستعمار الفرنسي للجزائر. لكن يبدو أن اللقب اليوم قد انتقل إلى ميدان السياسة، حيث أضاف بُعداً جديداً للكذب والمراوغة.

إنه لمن المحير فعلاً كيف يمكن للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن يحصل على لقب “أفضل كاذب” بجدارة. فلنتناول بعض زلات لسانه الشهيرة:

الاقتصاد الأخضر الذي لا وجود له: في تصريحاته البراقة، يعِد تبون بتحويل الجزائر إلى “جنة اقتصادية خضراء”. ولأغراض الترويج، يبدو أن الأرقام الاقتصادية كانت تُمَثّل كقصص خيالية، حيث يتحدث عن نمو اقتصادي مزدهر بينما يُحَارَب الاقتصاد بديون متزايدة وبطالة مرتفعة. إذا كان هناك “أخضر” في هذه المعادلة، فهو بالتأكيد لون الدين الذي يتزايد!

مصالحة وطنية؟ ربما في عالم آخر: وعد تبون بالمصالحة الوطنية وبناء الثقة مع الشعب، ولكن الأمر يشبه محاولات إصلاح سيارة قديمة بنصائح من عصر الفضاء. استمرار الاحتجاجات والمظاهرات يثبت أن هذه الوعود كانت مجرد “سحر الكلمات” دون أي تأثير حقيقي على الواقع. إن الخطب السياسية لم تكن سوى مسرحية تجريبية على خشبة مسرح الفشل.

مكافحة الفساد أم التغاضي عنه؟: تبون كان يقدم نفسه كمقاتل شرس ضد الفساد، لكنه يبدو كمن يشتري قنابل الدخان ليخفي الحقيقة. الادعاء بأنه سيقضي على الفساد بينما تتكشف الفضائح الجديدة ويُكتشف الفساد في الدوائر القريبة منه، يثير الاستغراب. من الواضح أن محاربة الفساد في الجزائر تعني ببساطة استخدام “نظارات سحرية” تمنع رؤية الفساد الموجود في الأفق القريب.

دبلوماسية ذات قوة غير مرئية: تصريحات تبون عن القوة الدبلوماسية الجزائرية تُعدّ من القصص الساخرة. بينما هو يتحدث عن هيمنة الجزائر وتأثيرها الكبير في السياسة الإقليمية، الواقع يظهر أن الجزائر تظل في هامش السياسة الدولية. الدبلوماسية الجزائرية، بدلاً من أن تكون قوة ضاربة، تبدو وكأنها جزء من حكاية خرافية تجري أحداثها في مكان بعيد عن الواقع.

المسؤولية تجاه الأزمات الداخلية: تضاف إلى سجل تبون مجموعة من الأزمات الداخلية التي لم يكن لها أي حلول واقعية. التوترات الاجتماعية، نقص الخدمات الأساسية، وإدارة الأزمات السياسية تبين أن تصريحات تبون ليست أكثر من مجرد فقاعات هواء. كانت دعواته لحلول جذرية بمثابة نكتة سياسية لا يصدقها أحد سوى هو نفسه.

في نهاية المطاف، إن تبون سيكون من أبرز المرشحين لأي مسابقة لاعتلاء عرش “أفضل كذاب”، فقط إذا كان الأمر يتعلق بالكذب والتلاعب بالكلمات. لنأمل أن تكون هذه العروض مجرد نكتة سياسية، وليس انعكاسًا حقيقيًا للفشل الذريع للقيادة والإصلاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى