مجتمع

دستور 2011: من نسيم الحرية إلى إعصار الاستبداد الخفي

م-ص

في خضم ما كان يعرف بالربيع العربي، قرر المغرب أن ينزل على رؤوسنا تعديلًا دستوريًا في 2011، وكأنه زلزال تحت أقدام الاستبداد. وكما قيل لنا حينها، جاء هذا التعديل بمثابة النسيم العليل في ليلة صيف حارقة، فتنفس الشعب الصعداء، وكأننا وصلنا إلى محطة الحرية أخيرًا. حتى أن ملك البلاد، جزاه الله خيرًا، تبرع بمبلغ “منفوخ” عشية شبح السكتة القلبية الذي كاد أن يطبق على البلاد. وتزامن هذا التبرع مع موجة الاكتتاب الشعبي ضد الحاجة، وكأن السماء أمطرت علينا ذهبًا.

ولكن، يا للعجب! بعد مرور سنوات على هذا العرس الديمقراطي، وجدنا أنفسنا نعود إلى نقطة الصفر، ولكن هذه المرة بتكنولوجيا الاستبداد المتطور. لم نعد نرى فقط الفساد والنهب التقليدي في الزوايا الضيقة، بل أصبح الاستبداد متنكرًا في حلة شفافة، يغزو كل القطاعات وكأنه صاحب البيت ونحن ضيوف عابثون.

ثم، ومن باب الكوميديا السوداء، يأتي الحاج أخنوش، رئيس الحكومة المتربع على عرش المال والأعمال، ليقول لنا بكل هدوء ووقار: “ما هذا الإضراب المزعج الذي ينغص علينا حياتنا؟” ويقرر، بكل أريحية، إعادة النظر في قانون الإضراب الذي منحنا إياه دستور 2011. وكأن ذاك الدستور كان مجرد إشارة مرور يمكن تجاهلها في زحمة المصالح الشخصية.

والنتيجة؟ انتشر الفقر في البلاد كما تنتشر النيران في الهشيم. وأصبحنا نرى مشاريع تجارية تزين البلاد كأنها قصور ألف ليلة وليلة، ولكن ليس بأي ثمن، بل على حساب أموال الشعب المسكين. ولعل مشروع المراب تحت الأرضي وتهيئة شاطئ المحمدية هو أروع مثال على كيف تُنفق أموالنا في غير محلها، وكأن البلاد أصبحت حديقة خلفية لكبار القوم.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سيعود المغرب إلى الوراء أمام أعيننا؟ هل سنظل نتفرج على هذه المهزلة ونسكت؟

في النهاية، يبدو أن المثل المغربي “الناس في واد والحكومة في واد” لم يكن مجرد كلمات، بل أصبح واقعًا ملموسًا. فهل نستمر في الضحك على أنفسنا، أم نفيق من هذا الكابوس الساخر؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى