عندما تصبح قرصنة الواي فاي هواية وطنية، والمغاربة يعشقون “العيش بالمجان”
دابا ماروك
في زمنٍ أصبح فيه كل شيء متاحاً بضغطة زر، حيث يمكنك طلب الطعام عبر التطبيقات، ومشاهدة الأفلام دون الحاجة إلى مغادرة المنزل، بل وحتى الزواج عبر الإنترنت (إن كنت محظوظاً بما يكفي لتجد شريكاً يقبل بفكرة “الزواج عن بُعد”)، جاءت قرصنة الواي فاي لتكون الوجه الجديد للإبداع المغربي، أو ربما “فن العيش على حساب الآخرين”.
هواية جديدة: قرصنة الواي فاي بدل قراءة الكتب
في الآونة الأخيرة، ظهرت تطبيقات غريبة تُعلن بفخر أنها لا تحمي الواي فاي، بل تُعلِّمك كيف تختلسه من جيرانك. والنتيجة؟ عائلات بأكملها تتكاتف كفريق كرة قدم محترف، ليس لمشاهدة مباراة، بل لاختراق شبكة الواي فاي الخاصة بالجيران. بل إن هناك تقارير عن جدات يتنافسن على تعلم هذه “التكنولوجيا الحديثة” لتشغيل مسلسلاتهن المفضلة دون أن يدفعن درهماً واحداً.
الخطوات العملية: كيف تصبح “قرصان واي فاي”؟
- الخطوة الأولى: قم بتحميل أحد التطبيقات “المشبوهة” التي تزعم أنها تحمي الواي فاي، لكنها في الحقيقة تكشف كلمات مرور الجيران.
- الخطوة الثانية: قم بتجربة كلمات المرور المضحكة التي يختارها البعض، مثل “123456” أو “password”.
- الخطوة الثالثة: استمتع بمشاهدة نتفليكس ومحادثات واتساب على حساب الجار الذي سيدفع الفاتورة لاحقاً، وهو يلعن حظه السيئ.
الضحايا الحقيقيون: الجيران الغافلون
الجيران الذين اعتقدوا أن وضع كلمة مرور على شبكتهم كافٍ لحمايتها اكتشفوا أنهم يعيشون في مجتمع يؤمن بـ”المشاركة الإلزامية”. فبدلاً من الحديث عن الكرم بين الجيران أو دعوة أحدهم لتناول الشاي، أصبحنا نسمع عبارات مثل:
- “الويفي ثقيل اليوم، أكيد فلان قاعد يشاهد مباراة!”
- “صحيح أنني دفعت الفاتورة، لكن لماذا لا أشاهد شيئاً؟”
عصابات الإنترنت: من سرقة الواي فاي إلى سرقة الأرصدة البنكية
وكأن قرصنة الواي فاي لم تكن كافية، ظهرت عصابات محترفة في بعض الدول الإفريقية والعربية تستغل حبنا للعيش بالمجان. كيف؟ تقوم هذه العصابات بإنشاء مواقع وتطبيقات تقدم وعوداً مغرية، مثل: “تعلم قرصنة الواي فاي في 3 دقائق أو هناك أميرة مسكونة بالكرم الحاتمي”، ثم تطلب منك رقم هاتفك، حسابك البنكي، وربما حتى تاريخ ميلادك. وبمجرد تقديم هذه البيانات، تجد أن رصيدك البنكي قد اختفى، وربما تجد نفسك مديوناً!
الإنترنت: حق لكل مواطن أم حق لكل متطفل؟
هذه الظاهرة تكشف جزءاً من “المنطق المغربي” الذي يرى في كل خدمة مجانية فرصة للانتقام من الحياة. لماذا أدفع فاتورة إنترنت وأنا أستطيع سرقتها؟ ولماذا أشتري اشتراكاً وأنا أملك جيراناً؟ بل إن هناك عائلات تعتقد أن الواي فاي يجب أن يكون خدمة جماعية، مثل الإنارة العامة، متناسين أن “الكهرباء العمومية” نفسها قد تصبح هدفاً لسرقات مستقبلية.
الحلقة المفرغة: متى يتوقف هذا العبث؟
الحل ليس سهلاً، خصوصاً أن الظاهرة أصبحت أشبه بلعبة اجتماعية ممتعة. ربما يجب على شركات الاتصال والإنترنت أن تطرح إعلانات توعية تقول: “ادفع فاتورتك، وكن رجلاً شريفاً”، أو أن تبدأ في معاقبة المتطفلين عبر قطع الإنترنت عنهم أثناء أهم لحظة في مباراة كرة قدم.
خاتمة ساخرة
قرصنة الواي فاي ليست سوى انعكاس لثقافة “الهدايا المجانية” التي أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية. من سرقة الإنترنت إلى البحث عن “حيل” للحصول على أشياء مجانية، نحن بالفعل أبطال العالم في “فن العيش بالمجان”. لكن تذكر دائماً، عزيزي القارئ، أن “ما طار طير وارتفع… إلا وكشف الجار كلمة السر!”