بين التحفيزات والإنجازات: موظفو الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية في مواجهة الأرقام الصارخة
دابا ماروك
عندما ينطق المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية بالأرقام البراقة، تشعر وكأننا بصدد خطاب من شركة ناشئة في وادي السيليكون: 373,000 رسم عقاري جديد، 1,100,000 هكتار من الأراضي المسجلة، 2,000,000 شهادة ملكية رقمية، و9.2 مليار درهم رقم معاملات. هذا ليس مجرد أداء؛ إنه استعراض عضلات رقمي لا يُعلى عليه.
ولكن دعونا نتوقف هنا للحظة. ما وراء هذه الأرقام المذهلة؟ بالتأكيد هناك جيش من الموظفين يعملون ليل نهار، يُترجمون الأهداف إلى إنجازات. السؤال هنا: هل حصل هؤلاء على نصيبهم من هذا النجاح؟ أم أن النصيب ذهب إلى جداول البيانات والعروض التقديمية؟
مملكة التحفيزات الموعودة
لنتحدث عن التعويضات الجديدة الموعودة لعام 2023، التي تشبه إلى حد ما قائمة من الأمنيات في ليلة رأس السنة:
- زيادة شهرية قدرها 2000 درهم، ولكنها توزع على سنتين، كأننا نأخذ رشفة من كوب ماء في صحراء ممتدة.
- منحة التمدرس التي قفزت من 300 درهم إلى 1500 درهم للسلاليم 6 إلى 18. بالنسبة للسلاليم 19 فما فوق، هناك “تقدير” خاص بقيمة 1000 درهم فقط. يبدو أن الأرقام هنا تعبر عن فلسفة رياضية غامضة.
- منحة عيد الأضحى التي قفزت من 1200 درهم إلى 2000 درهم. ربما سيتمكن الموظف الآن من شراء أضحية أكبر، ولكن قد لا يجد ما يكفي من الوقت للاستمتاع بالعطلة بسبب ضغط العمل وارتفاع أثمنة كبش العيد.
حوافز إضافية: العبء الجديد
أما الحديث عن منحة المردودية ومنحة الفعالية ومنحة جديدة مرتبطة “بتطور المداخيل”، فهو يشبه إعلانًا عن تطبيق جديد يقدم خدمات مبهرة، لكن شروط استخدامه مكتوبة بخط صغير جدًا. كيف سيترجم ذلك فعليًا؟ وهل سيشعر الموظفون بفرق؟ أم أنها مجرد أرقام تُضاف إلى الخطة السنوية؟
شكر وتقدير… ولكن؟
الوزير أشاد، والمدير العام أثنى، والأعضاء صفقوا. ولكن إذا أردنا الحقيقة، فإن هذه الإشادات لا تدفع الإيجار، ولا تُغطي تكاليف النقل، ولا تُعيد الطاقة لموظف قضى يومه بين ضغط العملاء ومتطلبات الرقمنة.
عندما تتحول الرقمنة إلى ضغطنة
مشروع الرقمنة، رغم أهميته، وضع الموظفين في موقف صعب: تقديم الخدمات التقليدية والاستجابة الرقمية السريعة في الوقت ذاته. النتيجة؟ ضغط أكبر مقابل حوافز ما زالت قيد “التطوير”.
في الختام: أدوات أم عناصر بشرية؟
الأرقام قد تكون رائعة، لكنها ليست كافية لإبقاء الموظفين متحمسين. إذا استمرت الوكالة في الاهتمام بالمشاريع الكبرى دون النظر إلى العنصر البشري، فقد تجد نفسها تواجه معضلة: من سيُحقق هذه الأرقام إذا غابت الطاقات البشرية؟
ربما حان الوقت لتحويل الإشادة إلى إجراءات ملموسة تجعل الموظفين يشعرون أنهم ليسوا مجرد أدوات لتحقيق أهداف، بل شركاء في النجاح. وإلا، ستبقى كلمات الشكر مجرد طلاء لامع يخفي تحتها أرضية مليئة بالشقوق.
رسالة مفتوحة إلى الإدارة: إذا كانت الرقمنة تعني التحفيز، فنرجو أن تشمل الجميع، لا أن تقتصر على الأرقام والجداول. وإلا، قد نجد الموظفين يطالبون “بإضراب رقمي” احتجاجًا على “إجهادهم التناظري”!