سياسة

وعود كاذبة: كيف ينجح الساسة في خداع الشعب المغربي؟

دابا ماروك

كما يقول الفرنسيون: “الساسة يكذبون أكثر مما يتنفسون”، وهو تعبير يجسد واقعًا سياسيًا عالميًا يشترك فيه العديد من البلدان، بما في ذلك المغرب. في عالم يسوده الضجيج السياسي، تتردد الوعود في الأجواء كالأصداء، وغالبًا ما تكون هذه الوعود مجرد كلمات تفتقر إلى المصداقية. فعلى الرغم من أن هناك استثناءات قليلة، إلا أن الظاهرة العامة تتمثل في أن الكثير من الساسة يتبنون الكذب كوسيلة لتحقيق أهدافهم الشخصية والسياسية.

الخلفية

لطالما كان الفشل في الوفاء بالوعود الانتخابية سمة بارزة في السياسة، حيث يتعامل الساسة مع الخطابات الرنانة كوسيلة لكسب الأصوات والضحك على الذقون. ومع اقتراب الانتخابات، يُطلق المرشحون وعودًا طموحة تستقطب الناخبين، لكن سرعان ما تتلاشى هذه الوعود بمجرد وصولهم إلى مناصبهم. هذا الواقع ينطبق على العديد من الأسماء السياسية، حيث أصبحت الوعود الانتخابية روتينًا مألوفًا يثقل كاهل الناخبين بخيبات الأمل.

الوعد المثير: 2500 درهم لكل عاطل

خلال الحملة الانتخابية لعام 2021، أطلق بعض الساسة، ومن بينهم رئيس مجلس النواب الطالبي العلمي المنتمي لحز أخنوش، وعدًا مثيرًا يقضي بتخصيص مبلغ 2500 درهم لكل مواطن مغربي، قائلاً: إذا لم يتحقق الوعد، اضربوني بالحجر. وقد وثِّقت هذه التصريحات في مقاطع فيديو، مما جعلها مصدر أمل للكثير من المواطنين الذين يعانون من البطالة والفقر. وكان هذا الوعد بمثابة طوق نجاة للكثيرين في وقت يواجه فيه المغرب تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة.

الكذبة: بين الأمل والواقع

بعد فوز حزب التجمع الوطني للأحرار في الانتخابات، كان الجميع ينتظر تنفيذ هذا الوعد. لكن سرعان ما تبخرت هذه الوعود كما تتبخر فقاعات الصابون في الهواء. إذ تبيّن أن المبالغ التي وُعد بها المواطنون لم تكن ضمن أولويات الحكومة، بل على العكس، تزايدت معدلات البطالة والفقر، مما زاد من إحباط المواطنين. وقد أصبح من الواضح أن مثل هذه الوعود الانتخابية تُستخدم غالبًا كوسيلة لكسب الأصوات، دون نية حقيقية لتنفيذها.

أثر الكذبة على الثقة الشعبية

لا يُمكن إغفال تأثير هذه الوعود الكاذبة على الثقة بين الساسة والمواطنين. فكلما تكررت مثل هذه الوعود الكاذبة، تآكلت الثقة في النظام السياسي وازداد الإحباط بين المواطنين. يشعر الكثيرون بأن الساسة يستخدمون وعودًا كاذبة كوسيلة للوصول إلى السلطة، فقط ليكونوا بعيدين عن متطلبات المواطنين بعد ذلك. تزداد الهوة بين الساسة والمجتمع، مما يهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي.

الساسة والكذب: ظاهرة متكررة

لا يُعتبر الطالبي العلمي حالة فريدة في الساحة السياسية المغربية. “فالساسة” البارعين في الكذب يواصلون استخدام هذه الاستراتيجية لجذب الناخبين، دون مراعاة للعواقب على أرض الواقع. إنما تبرز الحالة الخاصة بالطالبي العلمي كدليل على مدى خطورة استخدام الكذب كأداة سياسية.

الخاتمة

إن كذبة تخصيص 2500 درهم لكل مواطن مغربي تمثل نموذجًا لظاهرة أعمق في السياسة المغربية. يحتاج المواطنون إلى ساسة يمتلكون الشجاعة لتحمل المسؤولية، وليس مجرد كلمات لامعة لا تعكس الحقيقة. إن الثقة المفقودة بين الساسة والمواطنين بحاجة ماسة إلى إعادة بناء، وهذا يتطلب شفافية ومصداقية في الوعود والقرارات.

في النهاية، يجب أن نتذكر أن الكذب في السياسة ليس مجرد أمر عابر، بل يساهم في تآكل الديمقراطية ويضر بالمصلحة العامة. لا بد من إعادة تقييم التوجهات السياسية، والبحث عن ساسة يسعون لخدمة المجتمع بصدق وإخلاص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى