دابا ماروك
في المغرب، إذا كنت تحلم بأن تصبح وزيرًا، فلا داعي للقلق بشأن الانتماء لحزب سياسي قوي أو امتلاك سجل مليء بالإنجازات. فالحقيقة الصارخة هي أن الطريق إلى المنصب الوزاري لا يمر عبر الصناديق الانتخابية، ولا عبر كسب دعم الشعب، بل يكمن في إتقان فنون “التقرب” من أعضاء فيلق المخزن. وإليك كيف يتم ذلك:
- تخلص من الأيديولوجيا
في البداية، عليك أن تتخلى عن أي قناعات أيديولوجية قد تكون عالقة في ذهنك منذ أيام الدراسة الجامعية. اليمين، اليسار، الوسط… كلها تسميات لا معنى لها في المشهد السياسي المغربي. الأهم هو أن تكون مرنًا بما يكفي لتتبنى أي توجه يطلبه منك من بيده مفاتيح السلطة.
- تطوير مهاراتك في فن المجاملة
كن جاهزًا للإشادة بكل قرار حكومي، مهما كان مثيرًا للجدل. تعلم كيف تتقن لغة المدح والإطراء، واجعل منها أداتك الأساسية للتقدم. تذكر أن الرضا ليس عن طريق الأعمال العظيمة، بل عن طريق القدرة على إقناع “المخزن” بأنك الرجل المناسب للمهمة.
- التودد إلى “صانعي القرار”
ليس هناك داعٍ للتركيز على الشعب أو بناء قاعدة جماهيرية. الأهم هو بناء علاقات متينة مع الأفراد الذين يتحكمون في سير الأمور من خلف الكواليس. تواجد في المناسبات الرسمية، وقم بزيارة الدواوين، وكن دائم الحضور في الأوساط التي يُعرف عنها أنها تُصنع فيها القرارات. هذا هو مفتاح النجاح.
- التحلي بالقدرة على التحول الفوري
في المغرب، الوزراء يشبهون الحرباء؛ يجب أن تكون قادرًا على تغيير لونك حسب البيئة السياسية المحيطة. اليوم قد تكون نصيرًا للفقراء والمهمشين، وغدًا تتحدث بحماس عن ضرورة التزام التقشف. التحولات الفجائية ليست عيبًا، بل هي فنّ يجب إتقانه.
- تعلم إتقان الابتسامة الدائمة
الابتسامة هي سلاحك السري. يجب أن تكون حاضرًا دائمًا بابتسامة واثقة، حتى في أحلك الظروف. الناس تحب الوزراء الذين يبتسمون، ولكن الأهم هو أن المخزن يحب الوزراء الذين يبتسمون رغم كل شيء. اجعل من هذه الابتسامة رمزًا لتفاؤلك اللامحدود بالمستقبل الذي ترسمه المخططات الكبرى.
- احفظ قواعد اللعبة
التعامل مع المعارضة؟ لا تشغل بالك. فقط كن على دراية بأن الجميع يلعب نفس اللعبة، ولكن البعض يفوز بأكثر من الآخرين. الحيلة هنا ليست في قدرتك على الفوز بالانتخابات، بل في قدرتك على التفاوض والإبقاء على مكانتك بين صناع القرار.
- استعد للتضحية بالشهرة
لا داعي للشهرة المسبقة، فقد تصبح عقبة بدلاً من ميزة. في المغرب، الوزراء غالبًا ما يكونون غير معروفين للعامة قبل توليهم المنصب. السر يكمن في الظهور عند الحاجة، ثم التلاشي في الظل حين تنتهي مهمتك. الشهرة ليست معيارًا، ولكن القدرة على العمل بصمت وكفاءة هي ما يهم.
- الفلسفة: “النجاح في البقاء”
في نهاية المطاف، ليس المهم أن تحقق إنجازات كبيرة، بل أن تبقى في منصبك لأطول فترة ممكنة. الفن الحقيقي يكمن في التكيف مع كل مرحلة، ومع كل تغيير سياسي. المهم هو أن تكون دائمًا الشخص الذي لا يمكن الاستغناء عنه، بغض النظر عن قدرته الفعلية على الإنجاز.
9. كن سخيًا في “الهدايا”
السخاء هو مفتاح آخر للوصول إلى منصب الوزير في المغرب. لا تقتصر على المجاملات والكلمات الطيبة فقط؛ فالهدايا الرمزية وغير الرمزية يمكن أن تفتح لك أبوابًا مغلقة. إن فن تقديم الهدايا بشكل مناسب ودون تجاوز الحد المعقول هو ما يجعل من الشخص وزيرًا محبوبًا. الفخامة لا تهم بقدر ما يهم التوقيت والذكاء في اختيار الهدية المناسبة للشخص المناسب.
الختام
إذا اتبعت هذه الخطوات بعناية، فقد تجد نفسك في أحد الأيام على كرسي الوزارة، دون أن تضطر لخوض أي معركة انتخابية، أو حتى نيل شعبية بين المواطنين. لأنك ببساطة، قد أتقنت فن “كيف تصبح وزيرًا في المغرب”.
