فن وثقافة

التبوريدة فن مغربي عريق مسجل في اليونيسكو، كتراث مغربي غير قابل لمحاولات السرقة

تعد التبوريدة واحدة من الفنون الشعبية المحسوبة على التراث المغربي الأصيل ومن أقدم وأعرق الفنون المغربية الشعبية والتقليدية، وهو مسجل في دفاتر اليونيسكو كتراث مغربي غير قابل لحماقة البعض.

ويعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر، إلى عالم الفروسيّة المغربيّ العريق حيث حافظت على بعدها الروحي القوي، ويحاكي هذا الفن عروضاً عسكريّة تُنظّم وفقاً لشعائر وقواعد عريقة تعود إلى الأجداد المغاربة. وتؤدي فرق الخيالة خلال عروض التبوريدة استعراضاً تتخلله مناورات بالبنادق، ثم يصطفون عند نقطة الانطلاق في صف واحد كنقطة الانطلاق إلى الحرب. ويرتدي الفرسان أزياء وإكسسوارات تقليدية تمثل قبائلهم ومناطقهم. ويتوارث المغاربة هذا التراث جيلاً عن جيل في حضن العائلات، كتقليد لا يمكن الاستغناء عنه، حيث لم يعد الأمر حكرا على الرجال، بل أصبحت المرأة المغربية أيضا تشارك في سربات نسائية بفرق تمثل جميع المناطق المغربية تقريبا.

وتتطلب التبوريدة تدريبًا مستمرًا، ويُقام في الأفراح وفي المواسم وفي المناسبات الوطنية، ويتكون فن التبوريدة من الفرسان الممتطين للأحصنة، والذين يرتدي جميعهم لباسا موحدا، وتقف السّربة المكونة من الفرسان وخيولهم على رأس المضمار من أجل إلقاء التحية من خلال انحناء الرأس، ثم تقدم الأحصنة رقصة تتناغم مع الأهازيج التي تؤديها الفرق الشعبية، حيث ينطلق الفرسان بأحصنتهم من بداية المضمار المستطيل الذي يحيطه الجمهور، وتبدأ الخيول بالركض، بينما يؤدي الخيالة حركات مميزة بالبنادق التي تطلق البارود جماعة وفي آن واحد.
وعلى ذكر البارود، فإن كلمة التبوريدة مأخوذة من كلمة البارود. وتبقى معروفة لدى الأجانب بلفظة “الفانتازيا” ذات الأصل اللاتيني، التي تعني الترفيه.

نعود إلى “السربة”، وتتكون من مجموعة الفرسان الذين يركبون خيولهم، وهم يرتدون زيا موحدا مشكلا من قفاطين متناسقة، حيث يصطفون على خط انطلاق واحد، ويترأسها “المقدم”، الذي يتخذ مكانه في وسط الفرقة وينسق حركات الرجال والخيل معا، ويستعرض “المقدم” أو “العلام” قبل كل انطلاقة (محاولة) فرسانه، ويشجعهم من خلال ترديد الأسماء، وبعد ذلك تدخل المجموعة إلى ساحة العرض وتبدأ بتحية الجمهور (الهدة أو التشويرة). إثر ذلك، يعود الفرسان إلى نقطة الانطلاقة، حيث يصطفون في خط مستقيم في انتظار إشارة “المقدم”، لتنطلق الخيول في سباق بديع يبرهن خلاله الفرسان عما يتوفرون عليه من مهارات، سواء بالنسبة للسيطرة على خيولهم لإبقائها في الصف أو في ما يخص الحركات التي يؤدونها ببنادقهم، حيث يتعين على الفرسان أن يضغطوا على الزناد بمجرد ما أن يعطي “المقدم” الإشارة لذلك، لأن نجاح “التبوريدة” أو “الطلقة بالبارود” أو “التخريجة” رهين بأن تكون الطلقات في لحظة واحدة ومنسجمة.

وتتم عادة خلال هذه المسابقات، مكافأة المواهب الأكثر إبداعا بين الفرسان، وتنظم المسابقات الجهوية والإقليمية خلال العام كله في كافة مناطق المغرب، بينما تدور مجريات نهاية جائزة الحسن الثاني بدار السلام أثناء احتفالية “أسبوع الفرس”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى