سياسةمجتمع

على أبواب تعديل يمس ولاة الجهات وعمال أقاليم وعمالات المملكة: دعوة لإصلاح شامل يضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار

محمد صابر

تعيش المملكة المغربية مرحلة مفصلية، إذ تقترب من إجراء تعديل يمس ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات. هذه اللحظة ليست فقط فرصة لإعادة تنظيم الهيكل الإداري، بل هي أيضًا دعوة للتأمل العميق في نوعية القيادات التي نحتاجها لتجاوز التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد. نحن في أمس الحاجة إلى رجال ونساء من أبناء الشعب، رجال مشهود لهم بالنزاهة والشفافية، يحملون على عاتقهم مسؤولية القيادة بشرف وتجرد.

  1. نزاهة وشفافية بلا مساومة

في الوقت الذي تطالب فيه شعوب العالم بتحقيق العدالة والمساواة، يحتاج المغرب إلى قادة إداريين يضعون مصلحة البلاد فوق كل اعتبار. يجب أن يكون معيار الاختيار واضحًا وصارمًا: نحن بحاجة إلى رجال ونساء لا يعرفون طريقًا إلى الفساد. يجب أن يكونوا قادرين على مقاومة الإغراءات المالية والسياسية، وأن يكونوا ممن يشهد لهم تاريخهم بأنهم لم يرتشوا أو يستغلوا مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية.

التحديات التي تواجه المغرب على المستوى الإداري عديدة ومتنوعة. سواء تعلق الأمر بالتنمية المحلية، توفير الخدمات الأساسية، أو حتى إصلاح البنية التحتية، فإن النجاح في هذه المهام يعتمد بشكل أساسي على وجود ولاة وعمال يمتلكون النزاهة والشفافية. هؤلاء القادة يجب أن يكونوا على قدر عالٍ من المسؤولية، بحيث يتحملون أعباء مهامهم بدون أن تُغريهم المنافع الشخصية أو المصالح الضيقة.

  1. مصلحة البلاد والعباد أولًا

التعديلات المرتقبة يجب أن تأخذ في عين الاعتبار التقارير التي تم رفعها ضد بعض المسؤولين الذين ثبت تقصيرهم في أداء مهامهم أو تورطهم في قضايا فساد. إن بقاء هؤلاء في مناصبهم ليس فقط إخلالًا بالواجب، بل هو خيانة لثقة الشعب. مصلحة البلاد والعباد تأتي في المقام الأول، ولا يمكن التضحية بها من أجل حماية أشخاص لم تثبت كفاءتها أو نزاهتها.

الأمانة التي تقع على عاتق القيادة السياسية تتطلب اتخاذ قرارات حاسمة، مهما كانت صعوبتها. المسؤول الذي يثبت تورطه في فساد أو عدم قدرته على إدارة الشأن المحلي يجب أن يتنحى فورًا. لا مكان في المغرب العصري لمسؤولين يتخذون من مناصبهم وسيلة لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المواطن والوطن.

  1. الإصلاح الحقيقي يبدأ بالكفاءة والولاء للوطن

إن اختيار الولاة والعمال لا يجب أن يكون قائمًا فقط على الأقدمية أو الولاء السياسي أو جبر خاطر توصية أو “غير ذلك”، بل على الكفاءة والقدرة على الابتكار والتطوير. نحن بحاجة إلى قيادات تتمتع برؤية استراتيجية واضحة، وقادرة على اتخاذ قرارات جريئة تساهم في دفع عجلة التنمية المستدامة. هؤلاء المسؤولون يجب أن يكونوا ملتصقين بهموم المواطن، وقادرين على فهم احتياجاته والعمل على تلبيتها.

ما يطمح إليه المغاربة اليوم هو قادة إداريون من طينة أبناء الشعب، ممن يعرفون المعاناة اليومية للناس، ويعملون بجدية وشفافية لخدمة الجميع. يجب أن تكون الكفاءة هي المعيار الأول والأخير في عملية الاختيار، دون الانحياز لأي اعتبارات سياسية أو شخصية.

  1. الشفافية في التعيين والمتابعة

يجب أن تتسم عملية اختيار الولاة والعمال بشفافية تامة، وأن تكون خاضعة للرقابة والتقييم المستمر. كما ينبغي أن يتم الإعلان عن معايير التقييم بشكل علني، بحيث يكون المواطن شريكًا في هذه العملية من خلال الاطلاع على نتائجها. إن تحسين مستوى الثقة بين المواطن والإدارة يعتمد بشكل كبير على توفير هذه الشفافية، وعلى قدرة الإدارة على الاستجابة لمطالب الشعب.

  1. العدالة فوق الجميع

إن الإصلاح الإداري المنتظر يجب أن يكون شاملًا وحقيقيًا، حيث لا يبقى أي مجال للتساهل مع الفساد أو التخاذل في أداء الواجب. ينبغي أن يتم تطبيق القوانين بشكل صارم وعادل على الجميع دون استثناء، وأن يتحمل كل مسؤول تبعات أفعاله. العدالة هي الأساس الذي يبني عليه المغرب مستقبله، ولن يتحقق هذا الأساس إلا بإرادة سياسية قوية، وإدارة نزيهة وكفؤة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى