المليارات المنهوبة في قضية CNSS: أحكام قضائية حاسمة والأموال المختفية تظل لغزًا!
دابا ماروك
في قضية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، والتي تُعد من أكبر قضايا الفساد في تاريخ المغرب، تبقى المليارات المنهوبة التي لم تسترجع بعد حجر الزاوية في نقاشات مكافحة الفساد بالبلاد. ورغم إصدار الأحكام القضائية ضد المسؤولين المتورطين وإجبار بعضهم على دفع تعويضات أو مصادرة ممتلكاتهم، فإن الجزء الأكبر من الأموال المختلسة، الذي قُدّر بـ 115 مليار درهم، لم يتم استرجاعه بالكامل.
أسباب عدم استرجاع كامل الأموال:
- تعقيدات في التلاعب بالممتلكات: العديد من المتورطين في هذه القضية قاموا بنقل أو تسجيل ممتلكاتهم بأسماء أفراد من عائلاتهم أو عبر شركات واجهة، مما جعل من الصعب على السلطات تعقب تلك الأصول واستعادتها.
- المعاملات المالية غير الشرعية: تميزت هذه القضية بأساليب معقدة في تحويل الأموال خارج النظام البنكي الرسمي، عبر قنوات غير شرعية، مما عقد من عملية استرجاع الأموال المنهوبة.
- البنية القانونية والإجرائية: رغم الجهود المبذولة، يواجه القضاء المغربي تحديات كبيرة في تتبع الأموال المهربة، خاصة في غياب آليات قانونية فعالة لاسترجاع الأموال المحولة إلى الخارج أو المسجلة في شركات مجهولة الهوية.
- التأخر في تطبيق العقوبات: بعض العقوبات، سواء السجن أو الغرامات المالية، واجهت صعوبات في التنفيذ. جزء من المتهمين استغل بطء الإجراءات القضائية أو الثغرات القانونية للإفلات من العقوبة الكاملة.
الجهود المبذولة لاسترجاع الأموال:
- التعاون الدولي: السلطات المغربية تحاول، من خلال التعاون مع جهات دولية، تتبع الأموال المحولة إلى الخارج، حيث يُعتقد أن جزءًا كبيرًا منها هُرّب إلى ملاذات ضريبية آمنة أو استُثمر في مشاريع خارج المغرب.
- مصادرة الممتلكات: جزء من الاستراتيجية الحالية هو مصادرة ممتلكات المتهمين واستغلالها لاسترجاع بعض الأموال، ولكن ذلك لا يغطي سوى جزء ضئيل من الأموال المختلسة.
- الإصلاحات القانونية: تم إدخال إصلاحات على القوانين المتعلقة بالفساد ونهب المال العام، مما يعزز من قدرة الدولة على متابعة المتورطين، لكن التطبيق الفعلي لهذه القوانين يظل بطيئًا وغير كافٍ في بعض الحالات.
الآثار السلبية لعدم استرجاع الأموال:
- فقدان الثقة: هذه القضية ضربت الثقة في المؤسسات العمومية، حيث يرى العديد من المواطنين أن الأحكام المخففة أو عدم استرجاع الأموال بالكامل يمثل نوعًا من التراخي في مكافحة الفساد.
- تأثيرات اقتصادية: الأموال المنهوبة تمثل خسارة ضخمة للاقتصاد المغربي، حيث كان من الممكن استثمار تلك المليارات في مشاريع تنموية تفيد المواطنين بشكل مباشر، سواء في البنية التحتية أو الخدمات الاجتماعية.
خلاصة:
قضية CNSS تظل ملفًا مفتوحًا على مستوى الرأي العام المغربي، حيث تعتبر نموذجًا للتحديات الكبيرة التي تواجه الدولة في استرجاع الأموال المنهوبة. ورغم التقدم في بعض الجوانب، فإن استرجاع المليارات المختلسة يتطلب إصلاحات أعمق وآليات أكثر فعالية لمكافحة الفساد وضمان عدم إفلات المتورطين من العقاب.