دابا ماروك
يبدو أن مستقبل سيارات الأجرة الصغيرة في الدار البيضاء مهددًا بشكل متزايد مع توسع شبكة الترامواي. خطوط الترامواي الجديدة، مثل الخطين الثالث والرابع، ستربط بين عدة مناطق رئيسية في المدينة عبر شبكة متكاملة من المحطات، مما يقلل من حاجة السكان لاستخدام سيارات الأجرة الصغيرة، خاصة في المناطق التي يستخدمها الترامواي بشكل مباشر.
مع زيادة الاعتماد على الترامواي، من المتوقع أن يواجه سائقو سيارات الأجرة منافسة شديدة، ما قد يؤدي إلى تراجع في عدد الركاب. هذا التحول قد يفرض على السائقين إما تغيير نشاطهم أو البحث عن حلول بديلة، مثل تحسين جودة الخدمة، استخدام التطبيقات الذكية لجذب الركاب، أو حتى إعادة توجيه سياراتهم إلى مناطق لا يغطيها الترامواي.
ومع أن هناك حاجة دائمة لسيارات الأجرة، خاصة في الحالات الطارئة أو في المناطق التي يصعب على الترامواي الوصول إليها، فإن القاطرات المتقدمة قد تقلل بشكل كبير من الاعتماد على “الطاكسيات”.
ظهور خدمات النقل الحديثة بالمدينة مثل “دريفير” (Driver) زاد من حدة المنافسة التي يواجهها قطاع سيارات الأجرة الصغيرة. هذه التطبيقات توفر وسائل نقل مريحة وسريعة عبر الهواتف الذكية، ما يجعلها بديلاً جاذباً للعديد من الركاب، خصوصًا من الفئة الشابة التي تفضل سهولة الحجز عبر التطبيقات وشفافية الأسعار. مهنيو الطاكسيات يعبرون عن قلقهم الكبير تجاه هذه الخدمات، واصفين إياها بأنها “مخيفة” لكونها تعمل خارج النظام التقليدي للمأذونيات الذي يلتزم به قطاع الطاكسيات، وهو ما يعتبرونه تهديدًا مباشرًا لمصدر رزقهم.
معظم سائقي الطاكسيات يشعرون بأن “دريفير” تتمتع بمزايا تجعل المنافسة غير متكافئة، حيث تتمتع سياراتها بمرونة في التسعير وراحة للركاب، بالإضافة إلى قدرة كبيرة على الانتشار عبر تطبيقات الهواتف الذكية. هذا التحدي الجديد يضاف إلى تأثيرات توسع شبكة الترامواي، مما يضع قطاع الطاكسيات في موقف أكثر صعوبة ويستدعي تدخلات من السلطات لتنظيم المنافسة وضمان عدالة الفرص بين الجميع.
نعود ونؤكد أن توسع شبكة الترامواي في الدار البيضاء له تأثيرات كبيرة على قطاع سيارات الأجرة الصغيرة (“الطاكسيات”)، ويمكن تقسيم هذا التأثير إلى عدة جوانب رئيسية:
- التأثير الاقتصادي على السائقين:
- مع وجود أكثر من 16 ألف مأذونية للطاكسيات في المدينة وقرابة 45 ألف سائق يحملون رخصة الثقة، يعتمد قطاع كبير من المواطنين على العمل في مجال النقل بواسطة سيارات الأجرة. ومع توسع خطوط الترامواي، يواجه هؤلاء السائقون تحديات جديدة، أهمها انخفاض عدد الركاب.
- الترامواي يوفر بديلاً مريحًا وأقل تكلفة للتنقل في المدينة، خاصة مع تغطيته المقبلة لمناطق حيوية وشوارع رئيسية مثل شارع محمد السادس، وشارع أولاد زيان، وشارع إدريس الحارثي. هذا يعني أن ركابًا كثيرين قد يفضلون استخدام الترامواي بدلاً من “الطاكسي” في هذه المناطق.
- تراجع الطلب على الطاكسيات قد يؤدي إلى تراجع دخل السائقين بشكل ملحوظ، مما يضعهم في موقف صعب خصوصًا إذا استمرت تكاليف التشغيل، مثل الوقود والصيانة، بالارتفاع.
- التغيير في المناطق المغطاة:
- مع توسع شبكة الترامواي، قد يضطر سائقو الطاكسيات إلى إعادة توجيه أنفسهم نحو المناطق التي لا تصل إليها خطوط الترامواي بشكل مباشر، مثل الأحياء البعيدة أو المناطق التي لم تُدمج بعد في مخططات النقل العام.
- بعض السائقين قد يبحثون عن الفرص في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، التي لا زالت تعتمد بشكل أكبر على الطاكسيات في التنقل.
- إعادة التفكير في أساليب العمل:
- لمواكبة التغيرات، يمكن لسائقي الطاكسيات التفكير في تحسين الخدمات المقدمة للركاب لجذب الزبناء/ الركاب بشكل أكبر. تطبيقات التنقل الحديثة يمكن أن تساهم في تسهيل حجز الطاكسيات وزيادة الراحة للركاب.
- تحسين جودة السيارات وتوفير تجربة أفضل للركاب قد يكون جزءًا من الحل لجذب الزبناء الذين لا يزالون يفضلون التنقل عبر الطاكسيات بدلاً من الترامواي، خصوصًا في الأوقات أو المسارات التي قد لا تكون فيها خدمات الترامواي كافية.
- تأثيرات اجتماعية:
- هذا التحول قد يؤدي إلى تغيرات اجتماعية أيضًا، حيث إن الطاكسيات تعتبر مصدر رزق لكثير من العائلات في الدار البيضاء. انخفاض الدخل الناتج عن قلة الطلب قد يؤدي إلى زيادة البطالة أو اضطرار السائقين للبحث عن وظائف بديلة.
- في المقابل، يمكن أن يسهم الترامواي في تحسين البيئة وتقليل الازدحام والتلوث، مما يعتبر عاملاً إيجابيًا لصحة المواطنين في المدينة.
- الحلول المستقبلية:
- من الضروري أن تتدخل السلطات المحلية والحكومة لتنظيم هذا القطاع في ضوء توسع الترامواي. دعم هذا التحول يمكن أن يتم من خلال برامج تدريبية تساعد السائقين على التنقل إلى مجالات أخرى، أو تطوير وسائل النقل التكاملية حيث يكون للسيارات الصغيرة دور مكمل للترامواي وليس منافسًا.
- برامج مثل إدماج السيارات الكهربائية أو السيارات المشتركة يمكن أن تكون حلًا لتقليل التكاليف وتعزيز استدامة هذا القطاع في المدينة.
- المشهد المستقبلي:
- في المستقبل، يمكن أن يتقلص الاعتماد على الطاكسيات في المحاور الرئيسية المزدحمة، لكن هذا لا يعني اختفاء سيارات الأجرة بشكل كامل. يمكن أن تستمر سيارات الأجرة في لعب دور مهم في مناطق معينة أو في ظروف خاصة مثل التنقل السريع أو الحالات الطارئة.
- التحدي الأكبر سيكون في كيفية تكييف سائقي سيارات الأجرة مع التحولات الجديدة وتطوير أساليب عملهم بما يتماشى مع توسع شبكة النقل الحضري، بما فيها الترامواي وخدمات النقل الأخرى.
ختامًا، مستقبل سيارات الأجرة الصغيرة في الدار البيضاء سيكون مرهونًا بمدى قدرتها على التكيف مع التغيرات التي يجلبها الترامواي، سواء من حيث تحسين الخدمات أو إعادة توجيه نشاطها نحو المناطق غير المغطاة من طرف الشبكة الجديدة.