“دارت” في المغرب: تحليل ظاهرة اجتماعية
دابا ماروك
استهلال
في المغرب، تعتبر “دارت” واحدة من الظواهر الاجتماعية التي تعكس التقاليد الاقتصادية والتضامنية في الأحياء الشعبية. هي عبارة عن نظام تجاري يعتمد على التدوير المالي بين مجموعة من النساء -المكونة من جارات أو زميلات في العمل-، ويتميز بمرونة وبساطة في إدارة الأموال دون الحاجة إلى مؤسسات مالية رسمية. يبرز هذا النظام كبديل فعال للإقراض التقليدي، حيث يعزز التعاون الاجتماعي ويعتمد على الثقة المتبادلة بين المشاركات.
آلية عمل “دارت“
تقوم فكرة “دارت” على تجميع مبلغ شهري من كل مشاركة في مجموعة من النساء، والتي قد تتراوح بين عشرة إلى عشرين امرأة. يتم تحديد موعد لتسليم المبلغ لكل مشاركة وفقًا لدور يتم الاتفاق عليه مسبقًا. غالبًا ما تكون هذه المجموعات من النساء من نفس الدرب أو من المقربات أو زميلات في العمل، مما يعزز الثقة المتبادلة بينهن.
- تحديد المساهمات: يتم تحديد مبلغ شهري يتفق عليه كل أعضاء المجموعة. يمكن أن يكون هذا المبلغ ثابتًا أو متفاوتًا حسب الاتفاق.
- الدور والتوقيت: يتم تحديد دور كل مشاركة، مما يعني أن كل امرأة ستتلقى المبلغ الكامل في وقت معين، سواء كان أسبوعيًا أو شهريًا، وفقًا للاتفاق.
- التنفيذ: يتم جمع الأموال بانتظام وتسليمها للمشاركة التي يحين دورها. يتم ذلك دون الحاجة إلى حسابات معقدة أو إجراءات رسمية.
الفوائد والمزايا
- الاستفادة المالية دون فوائد: تقدم “دارت” فرصة للنساء للحصول على مبلغ نقدي كبير دون دفع فوائد، مما يجعلها بديلاً جذابًا للقروض البنكية أو القروض ذات الفوائد المرتفعة.
- تعزيز التعاون الاجتماعي: يعزز هذا النظام من العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع، حيث يعتمد على الثقة والتعاون بين المشاركات.
- سهولة التنفيذ: تتسم العملية بالبساطة والمرونة، حيث لا تحتاج إلى أدوات مالية معقدة أو إجراءات إدارية.
المشاكل والتحديات
- النزاعات والمشاكل: قد تحدث بعض النزاعات عندما تكون هناك مشاركة غير منضبطة تتلقى المال ثم تختفي دون الوفاء بالالتزامات. ورغم أن هذه الحالات نادرة، إلا أنها يمكن أن تسبب مشاكل داخل المجموعة.
- الاعتماد على الثقة: نجاح “دارت” يعتمد بشكل كبير على الثقة بين المشاركات. إذا كانت هناك قلة في الثقة، فقد يؤثر ذلك سلبًا على فعالية العملية.
- عدم التوزيع العادل: في بعض الحالات، قد تحدث مشاكل تتعلق بعدم توزيع المال بطريقة عادلة أو تأخير في التسليم.
التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية
- تحسين الوضع المالي: يوفر نظام “دارت” للنساء فرصة لتحسين وضعهن المالي من خلال حصولهن على مبلغ نقدي كبير يمكن استخدامه لاحتياجاتهن الشخصية أو الأسرية.
- تعزيز الدعم الاجتماعي: يساهم النظام في تعزيز الروابط الاجتماعية والدعم المتبادل بين النساء، مما يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على التماسك الاجتماعي داخل الأحياء.
- تشجيع الممارسات المالية غير الرسمية: تعكس “دارت” وجود نظام مالي غير رسمي يعتمد على التعاون والثقة، مما قد يكون بديلاً للفوائد المالية المرتفعة في النظام البنكي التقليدي.
ختام
تعتبر “دارت” ظاهرة اجتماعية ملهمة تعكس كيفية استخدام المجتمعات التقليدية في المغرب للتضامن والتعاون لتلبية احتياجاتهن المالية. رغم وجود بعض التحديات، فإن نجاح هذا النظام في الأحياء الشعبية يعزز من قوة الروابط الاجتماعية ويوفر حلاً بديلاً للمشاكل المالية.