الجزائر و”دون كيشوتية” السياسة: عزلة دولية وسخرية متزايدة في مواجهة الموقف الفرنسي من الصحراء المغربية
بداية، يسرّنا في موقعنا أن نستقبل مقالاً من قلم عريق في الصحافة الوطنية، الأستاذ الطيب الجامعي، الذي يشاركنا بمادة نُقدمها عبر منصة الرأي. إذ نتوجه بالشكر للأستاذ الكريم، ندعوكم لقراءة المقال التالي:
الطيب الجامعي
تجاوزت الجزائر هذه المرة حدود السخرية، حيث استسلمت لدافع بيان صحفي يتسم بالتدخل الفاضح في قرارات إستراتيجية لدولة ذات سيادة. جاء في البلاغ الجزائري: “أحاطت الحكومة الجزائرية علماً بأسف شديد واستنكار عميق للقرار غير المتوقع وغير المناسب وغير المثمر الذي اتخذته الحكومة الفرنسية بدعمها القاطع وغير المشروط لخطة الحكم الذاتي للصحراء الغربية في إطار السيادة المغربية.”
تكرر الحكومة الجزائرية فشل مغامرتها “الدونكيشوتية” من خلال استدعاء سفيرها في مدريد، ومعه السفير في باريس الذي سيواجه قريباً نفس المصير، وهو العودة المهينة إلى مقر عمله في باريس، كما عاد سابقاً إلى مدريد. وقد كان السفير الجزائري سعيد موسى هو من انسحب لأول مرة من باريس بعد أن كان قد سحب من مدريد لنفس السبب: الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء من قبل مدريد وباريس. وهكذا، فإن الجزائر، وفقاً لما قاله المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني، “الذي جعلنا الله جارا له”، ستكون قد أدركت حدودها.
من المؤكد أن الجزائر ستبذل قصارى جهدها لحشد بعض الدول إلى جانبها، لكنها ستجد نفسها معزولة بشكل فعلي في أوروبا والعالم العربي وأفريقيا. حتى جنوب أفريقيا، حليفتها التقليدية ضد المغرب، لا يمكنها أن تقدم لها أي دعم، حيث فقد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أغلبيته البرلمانية ولم يعد قادراً على التصرف كما يشاء. والغريب أن النظام الجزائري لم يتحرك عندما اعترف الرئيس دونالد ترامب بالطابع المغربي للأقاليم الصحراوية، ولم يتأثر حتى بعد تصريحات سفيرة الولايات المتحدة في الجزائر أو مقالات المعهد الأمريكي للسلام، الذي اعتبر أن “ملف الصحراء قد انتهى”.
في الواقع، تعترف الآن ما لا يقل عن 99 دولة حول العالم، وفي جميع القارات، بشرعية الموقف المغربي وضمناً، بسيادة المملكة على الصحراء. بتصريح الرئيس إيمانويل ماكرون الذي سيتذكره التاريخ: “أعتبر، كما كتب الرئيس الفرنسي في رسالته إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يقع في إطار السيادة المغربية.”
علاوة على ذلك، وفي لفتة غير مسبوقة، أحاطت الأمم المتحدة، عبر ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، علماً برسالة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الملك محمد السادس، حيث أعرب ماكرون عن دعم فرنسا الثابت للسيادة المغربية على الصحراء، واصفاً مخطط الحكم الذاتي المغربي بأنه “الأساس الوحيد لحل سياسي دائم.” وهكذا، فإن الموقف الفرنسي قد نقله إلى الأمم المتحدة، التي من جانبها “تعاملت مع انسحاب السفير الجزائري من باريس بلامبالاة جليدية” وتهرب دوجاريك عن التعليق على القرار الجزائري، مسلطاً الضوء على تزايد عزلة الجزائر على الساحة الدولية. وحتى الآن، وبعد أن بقيت منفصلة عن الواقع، ستدرك الجزائر أخيراً حالتها ومكانتها الحقيقية في العالم. إن الدولة الجزائرية على وشك تلقي درس إنقاذي قد يساعدها على التخلص ممن أوهمها والتصالح مع واقعها المر.