الكلاب الضالة في المغرب: حينما تتحول الأموال إلى فوضى في الشوارع
دابا ماروك
في المغرب، يواجه المواطنون مشكلتين بارزتين في مجال الصحة العامة: تفشي ظاهرة الكلاب الضالة وتحديات توفير اللقاحات المجانية. على الرغم من الأموال الطائلة التي تُنفق في كلا المجالين، يبدو أن النتائج كانت مخيبة للآمال، مما يثير تساؤلات حول فعالية السياسات المعتمدة وإدارتها.
نعم، منذ سنة 2018، تم تخصيص مبالغ ضخمة لمكافحة ظاهرة الكلاب الضالة في مختلف مدن ومناطق المغرب، وكأننا نعيش في حقبة العصر الحجري حيث الكلاب الضالة أصبحت تهدد الحضارة والتمدن. لكن، يبدو أن هذه الأموال لم تُصرف في الاتجاه الصحيح، بل تحولت إلى أزمة أخرى تزيد الطين بلة وتساهم في تحويل المدن إلى مناطق ترييفية بامتياز!
الكلاب الضالة: أبطال الشوارع بلا منازع
في وقت كان يُفترض أن تتحول فيه الشوارع إلى قلاع نظيفة وخالية من الفوضى، نجد أن الكلاب الضالة قد نالت من الألقاب أكثر مما ناله أي نجم سينمائي. لقد أصبحت هذه الكلاب نجوم الشوارع، ويفوق عددها بكثير عدد الأفلام التي يعرضها التلفاز. لكن على عكس النجوم اللامعة التي تثير الإعجاب، فإن هذه الكلاب تثير الهلع، خاصة عندما يتعرض المواطنون لظاهرة “الكلاب المهاجمة” أثناء محاولتهم دخول بيوتهم.
أموال طائلة، وفوضى مزمنة
تُصرف الأموال بمعدلات غير مسبوقة في مشاريع يبدو أنها تفتقر إلى التخطيط، أو ربما تُنفق على تمويل “المراقبة” التي يكتشفها المواطنون يوميًا على شكل قطع من الورق الملصقة على جدران الشوارع تُذكِّرهم بضرورة عدم الاقتراب من الكلاب. لكن يبدو أن هذه الأوراق ليست فعالة كثيرًا، إذ تتجول الكلاب بلا رقيب، تثير الفوضى وتجمع حولها مجموعة من المارة في مشهد يبدو وكأنه عرض سيريال.
غياب المسؤولين: خيال علمي أم واقع مرير؟
وفي الوقت الذي يُفترض أن يكون المسؤولون المحليون حاضرين في مواجهة هذه المشكلة، يبدو أنهم في عالم موازٍ، حيث الكلاب ليست سوى خرافات أو حيوانات من نوع مختلف. ربما هم في رحلة إلى كوكب آخر لا توجد فيه كلاب، أو ربما مشغولون في بناء جسر إلى المريخ يبعدهم عن المشاكل الأرضية. لا يبدو أنهم أدركوا أن الكلاب الضالة ليست مشكلة تتعلق بنظام غذائي بل هي مسألة تتعلق بغياب الإجراءات الحازمة والتخطيط السليم.
ترييف المدن: فوضى على أصولها
إذا كانت هناك جائزة لترييف المدن، فإننا على يقين من أن العديد من المدن المغربية ستفوز بها عن جدارة. الشوارع، التي كان من المفترض أن تكون نموذجًا للتمدن والنظام، أصبحت الآن مناطق جذب للكلاب الضالة. إذا كنت تبحث عن تجربة الحياة الريفية دون مغادرة المدينة، فلا تحتاج إلى السفر بعيدًا. فقط اخرج إلى الشارع، وستجد نفسك محاطًا بعرض غريب من الكلاب الضالة التي لا تميز بين الحقل والمدن الكبرى.
اللقاحات المجانية: أين اختفت؟
منذ سنوات، تم تخصيص ميزانية مالية منفوخة لضمان توفير اللقاحات بشكل مجاني لجميع المواطنين، لكن يبدو أن هذه الأموال لم تُستخدم بفعالية. التحديات الاقتصادية والإدارية قد تسببت في تقييد توفر اللقاحات أو فرض رسوم على بعض الفئات، مما أثر على إمكانية استفادة الجميع من هذه الخدمات الأساسية.
**أ. التحديات الاقتصادية والتمويل: توفير اللقاحات مجانًا يتطلب تمويلاً كبيرًا، وفي بعض الأحيان قد تواجه الحكومات الفقيرة صعوبات مالية تؤثر على قدرتها على تحقيق هذا الهدف. في المغرب، قد يكون التمويل غير كافٍ لتغطية كافة الاحتياجات، مما يؤدي إلى تقليص التوفر أو فرض رسوم غير مباشرة على المستفيدين.
**ب. الإدارة والتوزيع: تحديات الإدارة وتوزيع اللقاحات يمكن أن تؤدي إلى تأخير أو نقص في التوفر. مشاكل لوجستية، مثل نقص المعدات أو الأطر المؤهلة، قد تؤثر على فعالية برامج اللقاحات وتساهم في عدم وصولها إلى الفئات المستهدفة.
**ج. التباين في السياسات الصحية: الاختلافات في تطبيق السياسات الصحية من منطقة إلى أخرى قد تؤدي إلى تفاوت في توفر اللقاحات. بينما قد يكون بعض المواطنين قادرين على الوصول إلى اللقاحات بسهولة، قد يواجه آخرون صعوبات في الحصول عليها.
الخلاصة:
نعود ونقول ببساطة، يبدو أن الأموال التي صرفت لمكافحة الكلاب الضالة في المغرب قد ذهبت إلى غير مكانها، مما أدى إلى فوضى تنضاف إلى سجل الفشل الإداري المحلي. ربما حان الوقت لمراجعة الاستراتيجيات والتفكير في حلٍ فعّال لا يتحول إلى نكتة تُضحك المواطنين، ولكنها في الوقت نفسه تُثير فيهم القلق والهلع. فبدلاً من تقديم التسهيلات لحرية تجول الكلاب، ربما يجب علينا تقديم حلول فعّالة تجعل شوارعنا آمنة ونظيفة، بدلاً من أن تتحول إلى ميدان احتفالات مستمر للكلاب الضالة.