الرأي

التبول: حق مهضوم في غياب مراحيض عمومية

نقطة عبور

يكتبها: جمال الحجام

رئيس تحرير ومدير جريدة لوبينيون

 سابقا (L’Opinion) 

حين أقرت الأمم المتحدة يوما عالميا للمراحيض (19 نونبر من كل عام) لم تفعل ذلك عبثا أو من باب الكماليات، ولكن للتحسيس بأمر يعد من الحاجيات الضرورية ذات أبعاد صحية وحقوقية وحضارية.

وعندما نتحدث عن المراحيض، نخص بالذكر المراحيض العمومية كتجهيز جماعي يشكل جزء لا يتجزأ من الهياكل الحضرية في العصر الحديث. لكن ما نلاحظه في بلادنا بكل أسف، رغم التطور الهائل الذي نعيشه بفضل السياسة الناجحة للتأهيل الحضري، هو ضعف التجهيز في هذا الباب إن لم يكن منعدما تماما في العديد من المدن والحواضر. فباستثناء عدد قليل من الهياكل النادرة جدًا التي يعود جلها إلى الحقبة الاستعمارية والتي توجد غالبا في حالة مزرية غير قابلة للاستعمال، تفتقر مدننا وقرانا إلى المراحيض العمومية على اختلاف أنواعها؛ وهو الأمر الذي يشكل نقطة سوداء لا تخدم بتاتا طموحنا كبلد اختار العصرنة وفق منظور حداثي يعتمد معايير المجال الحضري المكرس لخدمة الساكنة.

إن المراحيض العمومية ليست ترفا، بل هي خدمة أساسية تدين بها الجماعات الترابية والساهرون على تدبير الشأن المحلي للسكان، ما دام الأمر له علاقة بالحق في قضاء الحاجة وهو حق يمكن أن يساوي في بعض المواقف الحق في التنفس، خاصة عندما يعاني الشخص الذي يحتاج إلىالذهاب إلى الزاويةمن إكراهات المرض (سكري، إلتهاب البروستاتا إلخ…). وبالتالي، فإن المراحيض العمومية هي الصحة وهي النظافة وهي الحفاظ على البيئة وهي السياحة وهي في آخر المطاف انعكاس لمجتمع متحضر.

وحسب بعض الدراسات، فإن 25% من السكان في المغرب يقضون حاجتهم في الهواء الطلق. إنه رقم مهول. بالطبع هذا الرقم يشمل المتشردين ومستأجري الأحياء الهامشية غير المجهزة، ولكنه يضم أيضا المشاة الذين يعانون أو الذين ليس لديهم في كثير من الأحيان خيار آخر سوى تلطيخ الجدران. فغياب هذه الخدمة التي تنم غالبا عن لامبالاة أو لاعتبارها، خطأً، أمرا ثانويا أو هامشيا، رغم صبغتها الحيوية للغاية، يدل على عجز مفضوح على مستوى المرافق الحضرية. 

إنه عجز يؤثر على الرجال والنساء وعلى الصغار والكبار، يؤثر على السياح، على السكان المحليين، على المعاقين جسديًا وعلى الأصحاء

إن الحليا سادة، يا كراميتعلق بفرض إدراج بناء المراحيض العمومية في برامج عمل الجماعات الترابية، من خلال نص قانوني ملزم مع تحديد عدد المراحيض حسب حجم المدينة أو القرية، دون إغفال وضع نظام خدماتي مفوض للسهر على سلامة التجهيزات وعلى نظافة هذه المنشآت مع ضمان الأمن في محيطها. 

أمر يجب أن يصبح من أولويات الجماعات المحلية وإلا فكل حديث عن سياسة القرب لن يكون إلا كلاما للاستهلاك  فقط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى