الجزائر والإستفتاء والإستقلال الإفتراضي
جمال الحجام
رئيس تحرير ومدير جريدة لوبنيون سابقا
مخطئ من يعتقد أن الجزائر دولة مستقلة عن فرنسا. لأن ارتباط الجزائر بفرنسا هو أولا ارتباط قانوني، ثم اقتصادي، بالإضافة لكونه عاطفي. فعندما قررت فرنسا تنظيم استفتاء في مقاطعتها الشمال-إفريقية، كان هذا الاستفتاء موجه بالأساس لفرنسيي الجزائر قبل السكان المحليين. والأهم من هذا، هو السؤال الذي كان مطلوبا الجواب عليه وهو الآتي : “هل تريد أن تصبح الجزائر دولة مستقلة متعاونة مع فرنسا حسب الشروط المقررة في تصريحات 19 مارس 1962 “إتفاقيات إيڤيان”، نعم أم لا ؟. إن تصريحات 19 مارس هذه تتضمن من ضمن ما تتضمنه تصريح حول التعاون الاقتصادي والمالي، وتصريح حول تثمين ثروات باطن الأرض بالصحراء، وتصريح حول التعاون الثقافي، وتصريح حول التعاون التقني، ثم تصريح حول الشأن العسكري. وبطبيعة الحال، فإن مضمون وفحوى هذه التصاريح لم يفصح عنها إلى اليوم.
من هنا ندرك أن الجزائر تضل، من منظور القانون الدولي، مرتبطة وجوبا بفرنسا بحكم شرط التعاون المنصوص عليه في سؤال الاستفتاء (دولة مستقلة متعاونة) وذلك في أهم الميادين الحيوية وكذا السيادية (الاقتصاد، المال، الثروات، الجيش، الثقافة) ولا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تعتبر نفسها مستقلة كاملة الاستقلال، إلا بإسقاط مضمون استفتاء 1962، الأمر الذي يستوجب تنظيم استفتاء وطني جديد حر ونزيه ينص على الاستقلال الفعلي والكامل للشعب الجزائري ويلغي بالضرورة تصريحات 19 مارس 1962.
وهذا الاحتمال يعني السقوط الحتمي للنظام القائم الذي يشكل أداة تنفيذ اتفاقيات إيڤيان.
خلاصة القول: إن الجزائر تتمتع فقط بحكم ذاتي والنظام القائم، الذي لا يتوانى في قمع الجزائريين وترويضهم، هو بالأساس أداة استعمار، كما أن سيادة الجزائر هي في الواقع من سيادة فرنسا.