التأشيرة الجزائرية: هل تمنع المغاربة من دخول ‘جنة’ لم يفكروا أصلًا في زيارتها؟!
محمد صابر
في خطوة لا تخلو من الطرافة، أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية إعادة فرض التأشيرة على المواطنين المغاربة الراغبين في دخول التراب الجزائري. قد يكون هذا القرار مثارًا للجدل، لكنه في الحقيقة ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة الكوميديا السياسية التي تقدمها الدبلوماسية الجزائرية للعالم.
ربما تتساءل الحكومة الجزائرية إن كانت قد فوتت على المغاربة فرصة التمتع بجمال بلادها أو تذوق أطايب الكسكس المغربي عفوا الجزائري! ولكن على أرض الواقع، يبدو أن المغاربة لا يشاركون نفس الحماس لزيارة الجزائر، وقد تكون الاستجابة الفعلية لهذا القرار مقتصرة على “ابتسامة ساخرة” وتعليق سريع: “وهل كنا سنذهب أصلًا؟”.
فإذا كانت الجزائر تظن أن المغاربة كانوا ينتظرون بفارغ الصبر فرصتهم الذهبية لزيارة المدن الساحرة كالبليدة أو المروج الخضراء في تمنراست، فهي مخطئة. فالشعب المغربي لديه من الوجهات السياحية الفاتنة ما يغنيه عن التفكير في ركوب الطائرة أو الحافلة نحو الجارة الشرقية.
ربما على السلطات الجزائرية مراجعة نفسها والتساؤل عما إذا كان هذا القرار سيمثل حقًا خطوة لتعزيز الأمن الوطني، أم أنه مجرد استعراض جديد ضمن سلسلة القرارات الطائشة التي تتخذها الجزائر بين الحين والآخر دونما أثر يذكر. فالتاريخ علّمنا أن “التأشيرات” لا تمنع الحب أو الاحترام، بل السياسات العاقلة والحوار البناء هما من يفتحان الأبواب المغلقة.
قد يكون قرار الجزائر إعادة فرض التأشيرة على المغاربة “هبة من السماء”، فربما كان المغاربة بحاجة إلى عذر مقنع لعدم زيارة الجزائر، وها هو القرار يقدم لهم هذا العذر “المثالي” على طبق من فضة. والآن، يمكن للجميع العودة لمتابعة مسلسل “الجارة الشرقية وأطياف القرارات” بمزيد من الحيرة والابتسامات الساخرة.
يبدو أن الجزائر قررت أن تُعامل التأشيرة كجائزة نوبل للسلام، لا يحصل عليها إلا القلة المحظوظة! وربما اعتقدت أن المغاربة سيصطفون بالطوابير حاملين الورود ورسائل الحب، متوسلين للحصول على “الفيزا الذهبية” لزيارة الجارة العزيزة. ولكن على الأرجح، سيكون الرد المغربي ساخرًا: “عذرًا، لدينا طوابير خاصة بنا، أمام محلات الزعتر البلدي وصالات الأفلام الكوميدية، ولا نحتاج إلى ‘عرض إضافي’ من مسرحية التأشيرات الغريبة”.
فما هو التالي يا ترى؟ تأشيرة لدخول الفضاء الجزائري الجوي؟! أم تصريح خاص لدخول مياه البحر المتوسط المقابلة للسواحل الجزائرية؟ إذا كان الأمر كذلك، فنحن بالفعل نوصي بأن تكون هناك “تأشيرة” للسخرية، لأننا على وشك استنفادها.