الدفاع عن حقوق المسؤولية في خطر: تغيب البرلمانيين وغياب المحاسبة!
دابا ماروك
البرلماني المغربي: بين المسؤولية والمحاسبة
في قلب الحياة السياسية المغربية، يلعب البرلمانيون دورًا حاسمًا في تشكيل المستقبل وتوجيه السياسات العامة. فهم يمثلون صلة الوصل بين الدولة والمجتمع، حيث يُنتخبون لتمثيل مصالح المواطنين والدفاع عن حقوقهم. لكن، ماذا يعني أن تكون برلمانيًا؟ وما هو الدور الحقيقي الذي يجب أن يضطلع به هؤلاء النواب في البرلمان المغربي؟
دور البرلماني الحقيقي:
- حماية مصالح المواطنين: يُفترض بالبرلماني أن يكون صوت الشعب. ينبغي أن يسعى لتحقيق احتياجات دائرته الانتخابية وباقي كل مناحي حياة المواطنين، سواء كانت متعلقة بالتنمية الاقتصادية، التعليم، الصحة، أو حقوق الإنسان. يتطلب هذا الأمر التواصل المستمر مع الناخبين والاستماع لمشاكلهم وتطلعاتهم.
- التشريع: يتجاوز دور البرلماني مجرد التصويت. يجب أن يكون لديه القدرة على فهم القضايا المعقدة وصياغة القوانين التي تعكس احتياجات المجتمع. دورهم في إعداد ومناقشة التشريعات يعتبر أساسياً لتحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي.
- الرقابة والمساءلة: يجب على البرلمانيين مراقبة أداء الحكومة ومحاسبتها. من خلال الاستجوابات، طرح الأسئلة، وتشكيل لجان التحقيق، يمكنهم التأكد من أن الحكومة تعمل لصالح المواطنين، وليس ضد مصالحهم. إن غياب هذه الرقابة يفتح المجال للتجاوزات والفساد.
- حقوق الإنسان: يتحمل البرلمانيون مسؤولية تعزيز وحماية حقوق الإنسان في المغرب. يجب أن يكونوا حريصين على عدم تمرير القوانين التي قد تؤثر سلبًا على الحريات العامة، والعمل على مواجهة أي انتهاكات.
- التعبئة السياسية: يمثل البرلمانيون مصدر إلهام وتحفيز للمواطنين للمشاركة في الحياة السياسية. من خلال النقاشات العامة، يمكنهم تعزيز الوعي السياسي وتوجيه النقاشات حول القضايا المهمة.
التحديات التي تواجه البرلمانيين:
على الرغم من هذا الدور الهام، يواجه البرلمانيون العديد من التحديات. فغياب المحاسبة والضغط الحزبي يمكن أن يؤديان إلى تقاعس بعض النواب عن أداء مهامهم بشكل فعّال. كما أن الانشغال بالأنشطة الأخرى أو عدم التأهيل المناسب قد يساهم في غياب الجدية في العمل البرلماني.
- التمثيل: يمثل البرلمانيون مصالح المواطنين في كل تراب المملكة، حيث يسعون لفهم احتياجاتهم وتطلعاتهم، وينقلون هذه القضايا إلى البرلمان.
- التشريع: يعدّ وضع القوانين أحد المهام الأساسية للبرلمان. يشارك البرلمانيون في مناقشة وصياغة القوانين الجديدة، وتعديل القوانين القائمة، بما يتماشى مع التطورات الاجتماعية والاقتصادية.
- المراقبة: يتولى البرلمان مهمة مراقبة أداء الحكومة. يتطلب ذلك من البرلمانيين طرح الأسئلة، وتقديم الاستجوابات، والمشاركة في لجان التحقيق، مما يسهم في تعزيز الشفافية والمساءلة.
- التعبئة السياسية: يشكل البرلمانيون حلقة وصل بين الحكومة والمواطنين، حيث يساهمون في تعبئة الرأي العام حول القضايا الوطنية، ويسعون لإشراك المجتمع في النقاشات السياسية.
- المبادرات التشريعية: يتمتع البرلمانيون بحق تقديم مقترحات لقوانين جديدة، مما يمكنهم من المساهمة الفعالة في تطوير التشريعات التي تلبي احتياجات المواطنين.
- دعم التنمية المحلية: يعزز البرلمانيون مشاريع التنمية في دوائرهم من خلال العمل على تخصيص الميزانيات اللازمة وتسهيل الإجراءات الإدارية، مما يساهم في تحسين الظروف المعيشية للسكان.
- الدفاع عن حقوق الإنسان: يشارك البرلمانيون في تعزيز حقوق الإنسان والحريات العامة من خلال مراقبة التزام الحكومة بذلك والتدخل عند حدوث انتهاكات.
باختصار، يمثل البرلماني المغربي حلقة الوصل بين الدولة والمجتمع، ويقوم بدور حيوي في تعزيز الديمقراطية وتحقيق التنمية المستدامة. إن نجاح البرلمانيين في أداء مهامهم يعتمد بشكل كبير على حصيلتهم وتفاعلهم مع المواطنين واستجابة الحكومة لمطالبهم.
تغيب بعض البرلمانيين عن جلسات البرلمان أو تقاعسهم عن أداء مهامهم بشكل فعّال يعود لعدة أسباب، من بينها:
- الافتقار للجدية: بعض البرلمانيين قد لا يشعرون بالمسؤولية تجاه مهامهم، مما يؤدي إلى غيابهم المتكرر أو انشغالهم بمسائل أخرى بعيدة عن العمل البرلماني.
- الانشغال بالأنشطة الأخرى: قد يكون لدى بعض البرلمانيين التزامات مهنية أو أعمال خاصة تعيقهم عن التفرغ للعمل البرلماني. وهو أمر غير مستساغ، سيما وأن المعنيين بعالم المال والأعمال كان يجب أن يتفرغوا لأعمالهم، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
- عدم التأهيل المناسب: قد يعاني بعض البرلمانيين من نقص في الخبرة أو المعرفة المطلوبة لممارسة دورهم بشكل فعّال، مما قد يجعلهم يكتفون بالتواجد فقط دون تقديم مساهمات حقيقية.
- ثقافة التصفيق: في بعض الأحيان، يلجأ البرلمانيون إلى دعم قرارات الحكومة أو الأغلبية من خلال التصفيق والتصويت، دفاعا عن مصالحهم الشخصية وتجنبًا للاصطدام بالمشاكل أو انتقاد القرارات، مما قد يؤثر سلبًا على دورهم كرقابة.
- الضغوط الحزبية: في بعض الأحيان، يتعرض البرلمانيون لضغوط من قبل أحزابهم للامتثال لقرارات معينة أو عدم الخروج عن الإجماع، مما يحد من قدرتهم على التعبير عن آرائهم بحرية.
- نقص الوعي لدى الناخبين: قد يكون هناك غياب للوعي من قبل الناخبين حول أهمية دور البرلمانيين، مما يتيح لبعضهم التغيب أو التهاون دون خشية من العقوبات الانتخابية.
- عدم وجود محاسبة: إذا لم يكن هناك نظام فعال لمحاسبة البرلمانيين على غيابهم أو تقاعسهم، فإن ذلك قد يؤدي إلى استمرار هذا السلوك دون عواقب.
الخلاصة:
إن الدور الحقيقي للبرلماني المغربي يتجاوز مجرد التواجد في البرلمان أو التصويت على القوانين. يتطلب الأمر التزامًا حقيقيًا وإرادة قوية للدفاع عن مصالح المواطنين وتعزيز الديمقراطية. من الضروري أن يتمتع البرلمانيون بوعي كامل بمسؤولياتهم، وأن يسعى الناخبون إلى محاسبتهم على أدائهم، مما يسهم في تحقيق مجتمع أكثر عدلاً وتقدمًا.
وللحد من هذه الظواهر التي تمس مصداقية دور البرلماني في المغرب، يجب تعزيز ثقافة المسؤولية والمساءلة بين البرلمانيين، وزيادة وعي الناخبين حول أهمية متابعة أداء ممثليهم.