الافتتاحية

الأزمة تأزمت أكثر..

محمد صابر

مدير ومؤسس الموقع

رغم كل الحملات التحسيسية والتبرعات التطوعية والدعوات المملة لمحاربة الفقر، فإن هذا الأخير يزداد عندنا بوثيرة سريعة وبشكل يفضح بالملموس سوء توزيع خيرات البلاد، وهي كثيرة ولله الحمد والمنة ويؤكد بالملموس أن هناك فئة طاغية تعيش في بحبوحة العيش محتكرة لنفسها كل الكعكة.

ومثل الفقر هناك الرشوة، فرغم كل الحملات التحسيسية والعقوبات الزجرية والأرقام الخضراء، ودعوات تخليق الحياة العامة فهي مازالت قائمة عندنا، بل أصبحت قاعدة عوض أن تكون استثناء…

وبموازاة ذلك، لم تتوقف أيضا الصفقات المشبوهة التي تزيد من إغناء ممتصي خيرات البلاد ودماء الشعب. هذه الصفقات أيضا لم ينجح أحد في وقف نزيفها رغم المحاكمات المحتشمة التي طالت بعضا ممن لا يجدون أصول اللعبة أو الذين خضعوا للقصاص لظروف نجهل حيثياتها.

وكنتيجة حتمية للفقر والبؤس والتفسخ الاجتماعي والعائلي، تفشت مظاهر الإجرام وترقت بلادنا في هذا المجال، فأصبح لدينا ما يسمى بالجريمة المنظمة. فالمال السايب يعلم السرقة ولا نستثني من ذلك حتى بعضا ممن يدعون النبوة.

وكان الله في عون طبقات الكادحين والعمال والمتقاعدين الذين أرهقهم الغلاء وطحنتهم هزالة الأجور، وانخرطت العديد من العائلات في جحيم البؤس والحاجة لدرجة أن بعض الأسر –والله يستر- أصبحت تغمض أعينها عن انحراف بناتها اللواتي اضطررن إلى تعزيز طوابير البغاء والفساد من أجل لقمة عيش ولو كانت مغموسة في الذل.

وعن أصحاب الحال، فقد أصبحت لغة الهراوة هي السائدة وهي بالمرصاد لكل من تجرأ ورفع عقيرته بالاستنكار والشكوى ولا يهم أن يكون أستاذا أو معاقا أو مكفوفا معطلا. فللهراوة عدالتها الخاصة.

إضرابات رجال التعليم واحتجاجاتهم أصبحت حدثا عاديا، بل حتى المليارات التي نهبت من الصناديق أصبح أمرها عاديا.

وإذن، فالأزمة مازالت قائمة إن لم نقل أنها تأزمت أكثر، وسفهت أحلام المتفائلين.

أين التغيير الموعود إذن؟

لا شيء تغير باستثناء لغة الخطاب واستعراض فصاحة اللسان في مجال الديمقراطية التي ننعم بها والحمد لله.

وها نحن وبعد كل الأشواط التي قطعناها، نجد أنفسنا في نقطة الصفر، أي قاعة الانتظار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى