مجتمع

ورد وشوك: البحر سخي، لكنه يقتل!

نود بداية أن ندعو بالرحمة والمغفرة لكل الشباب الذين حاولوا الهجرة عبر قوارب الموت أو سباحة، بحثا عن لقمة عيش في “الجنة المفقودة”، لكنهم ماتوا غرقا. نقول هذا، ونرجو لعائلات ضحايا البحر من أبناء هذا البلد، أن يلهمهم صبر أيوب في فقدان فلذات كبدهم الذين ضاقت بهم كل السبل، فقرروا رحلة غير مأمونة العواقب.

للبحر مزاجه الشقي، إذ لا يتردد في التكشير عن أنيابه في وجوه عباد الله دون استثناء هؤلاء الذين يقدمون أنفسهم قربانا لأسماك تثأر لنفسها، فتلتهمنا ميتين ولا تستثني منا سوى العظام، كما نفعل نحن معها تماما.

وغير خاف أنه تربطنا شخصيا علاقة متينة مع هذا البحر، لكننا مع ذلك، نتوجس حيطة منه ولا نثق في أمواجه الهادرة.

كنا ونحن صغار نتردد عليه كلما أحسسنا بالغضب أو المرح. نبثه لواعجنا وننتشي بلوحته الفنية الطبيعية الساحرة التي رسمتها يد الخالق عز وعلا.

ذكرياتنا مع البحر جميلة، ومع ذلك، فغالبا ما نصب عليه جام غضبنا واستنكارنا حين يسلب منا عزيزا أو صديقا، وكأنه يسرق منا أعز ما نملك ومع الترصد وسبق الإصرار.

كذلك هو الشأن مع أبناء هذا الشعب الذين أخذهم منا إلى حين غرة.

فرحم الله ضحاياك أيها البحر، وسيظل سحرك رغم ذلك، لا يقاوم.

محمد الفضالي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى