دفاتر قضائية

برلماني في قبضة العدالة.. عندما تتحول “خدمة الوطن” إلى صفقة مربحة!

دابا ماروك

يبدو أن السياسة في المغرب ليست سوى ساحة مفتوحة لمنافسة شرسة، لكن ليس على تحقيق التنمية، بل على من ينهب أكثر ويختفي بشكل أذكى! آخر فصول هذه الملحمة جاء من مراكش، حيث أسدلت غرفة الجنايات الابتدائية الستار على قضية البرلماني إبراهيم بنديدي، الذي لم يكن برلمانياً فحسب، بل كان أيضاً رجل أعمال ناجحاً في “اقتصاد الفرص”!

الحكم: ثلاث سنوات سجناً وغرامة 50 ألف درهم، أمر بسيط مقارنة بالملايين التي دخلت الجيوب بطريقة سحرية، في إطار “الخدمات الجليلة” التي قُدمت لهذا الوطن المسكين. إلى جانب البرلماني، كان هناك فريق من 9 متهمين آخرين، كل واحد منهم متخصص في ميدان معين: الابتزاز، الرشوة، والسطو على المال العام، وكأننا أمام شركة متخصصة في استنزاف موارد جماعة تنغير بدل تسييرها.

المؤامرة: عندما يتحول دفتر التحملات إلى دفتر شكايات!

القصة بدأت حين فازت شركة “طوكوترا” بصفقة مشروعة، لكنها لم تكن تعلم أن الظفر بصفقة في المغرب لا يعني أنك ستستلم مستحقاتك، بل يعني أنك ستخضع لجولات متعددة من “التفاوض القسري”! كيف ذلك؟ الأمر بسيط:

  • المسؤولون عن صرف المستحقات لا يعرفون زر “الموافقة” في الحاسوب إلا بعد تلقي الإكراميات المناسبة.
  • أي شركة ترفض دفع “الواجبات غير المكتوبة”، تتعطل إجراءاتها، وتدخل في دوامة من العرقلة البيروقراطية التي لا تنتهي.
  • وإذا لم تفهم الرسالة، فهناك دائمًا طرق أخرى “للإقناع” تبدأ بالتلميح وتنتهي بالابتزاز المباشر.

وهكذا، وُضعت “طوكوترا” أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن تدفع، أو أن ترى أموالها مجمدة إلى الأبد. وأمام هذا الضغط، كان لابد من تقديم شيكات، الأول بقيمة 120 ألف درهم، والثاني على بياض، وكأن الشركة قررت أن تترك المبلغ النهائي لمزاج “المسؤولين” ليقرروا كم يريدون سرقته!

العدالة تتحرك.. ولكن بعد متى؟

بعد سنوات من النهب الممنهج، وبعد أن التهمت الحسابات البنكية ما يكفي من المال العام، قررت العدالة أن تتحرك، فتم توقيف المتهمين وبدء محاكمتهم. ولكن لنكن واقعيين:

  • من يضمن أن هذا الحكم هو نهاية القصة؟
  • كم من مسؤول آخر يمارس نفس الأساليب لكنه لم يقع في الشباك بعد؟
  • كم من ضحية تعرضت للابتزاز لكنها لم تجد الجرأة لتقديم شكاية خوفاً من الانتقام؟

سجن عكاشة.. الوجهة الجديدة!

الآن، وبعد أن نطق القاضي بالحكم، ينتظر الرأي العام أن يُعزز بنديدي الغرفة الثالثة بسجن عكاشة، حيث سيلتقي هناك “نخبة” أخرى من البرلمانيين السابقين الذين فقدوا الحظ في لعبة النهب. وربما، داخل جدران الزنزانة، سيتذكر هذا البرلماني أيام العز، عندما كان مجرد توقيع منه قادراً على تحديد مصير مئات الملايين.

أما جماعة تنغير، فستظل تنتظر التعويضات، وربما يتم تخصيص جزء منها لإعادة تجهيز المكاتب التي شهدت ولادة أضخم عمليات الابتزاز في تاريخ المدينة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى