
دابا ماروك
ها قد عادت الطماطم، تلك السلطانة الحمراء المتوجة على عرش المطابخ المغربية، لترفع رأسها عالياً وتعلن للعالم أنها ليست مجرد خضرة، بل قضية وطنية بامتياز! فبعد أن كانت تُباع بثمن في متناول الجميع، قررت أن تتربع على عرش الأسعار، لتُثبت أنها ليست أقل شأناً من الذهب والياقوت والمرجان.
الطماطم… من الفقيرة إلى صاحبة السمو!
قبل سنوات قليلة، لم يكن أحد يعير الطماطم اهتماماً يُذكر. كانت تُشترى بالكيلوغرامات، توضع كيفما اتفق في السلال، وتُرمى ببساطة في القدر دون أي بروتوكولات. بل إن بعض ربات البيوت كن يتفنن في اختيار الحبات الأقل ثمناً، حتى إن هناك من كنّ يرمين بها على الجدران عند الغضب، كأنها مجرد كائن لا قيمة له! لكن الزمن دار دورته، وكما يقال: “دوام الحال من المحال”، فها هي الطماطم تنتقم لنفسها وترد الصاع صاعين!
الطماطم تتدلل.. والبصل يضحك في صمته
وصل سعر الطماطم إلى 8 دراهم في سوق الجملة، وهذا يعني أنها تصل للمستهلك بسعر 10 دراهم على الأقل، وربما أكثر! وهنا يبدأ السؤال الأزلي: هل الطماطم تُباع بالوزن أم بالمزاد العلني؟ هل دخلت الطماطم نادي الـ VIP؟ أم أن هناك منظمة سرية تدير عمليات رفع الأسعار من تحت الطاولة؟
في المقابل، نجد البصل يضحك ملء شدقيه، فلطالما كان الضحية في هذه المعادلة. كان الناس يبكون عند تقشيره، أما اليوم فهم يبكون عند رؤية ثمن الطماطم على الميزان!
رمضان على الأبواب.. والجيوب في خطر!
ليس سرًّا أن الطماطم في رمضان تتحول إلى نجمة الصف الأول، فهي العنصر الأساسي في “الحريرة”، وأي نقص فيها يعني كارثة لا تحمد عقباها. ومع كل اقتراب لهذا الشهر الفضيل، تبدأ الأسعار بالرقص على أنغام الجشع والمضاربة، فالتجار يعلمون أن المغاربة لا يستطيعون العيش دون صلصة الطماطم في الحريرة، تماماً كما لا يستطيعون العيش دون “الشباكية” و”السفوف”!
هل نحن بحاجة إلى شرطة للطماطم؟
الآن، ومع هذا الارتفاع الصاروخي، أليس من الأجدر إنشاء “شرطة للطماطم” تراقب السوق وتحمي المواطنين من هذا الغلاء الفاحش؟ ربما نحن بحاجة إلى “مديرية عامة لحماية المستهلك من الطماطم” يكون شعارها: “لا للابتزاز الأحمر!”، أو ربما “مجلس أعلى للطماطم” يناقش القوانين التي تحكم أسعارها، ويُصدر تقارير سنوية عن وضعيتها الاقتصادية، بل وربما يُعلن عن مشاريع استثمارية لإنشاء مزارع للطماطم المستقلة، بعيداً عن مضاربات السوق السوداء!
الخلاصة: الطماطم ليست مجرد خضرة!
لقد تجاوزنا مرحلة كون الطماطم مجرد مكون غذائي عادي، وأصبحنا أمام واقع جديد يجعلها أشبه بعملة نادرة يتداولها المضاربون بحذر. فهل سيكون لنا مستقبل نرى فيه الطماطم تعود لسابق عهدها؟ أم أننا أمام مرحلة جديدة من التاريخ، يُطلق عليها “عصر الطماطم الفاخرة”، حيث سيتفاخر الأثرياء بأنهم يشترونها بالكيلوغرامات، بينما سيكتفي باقي الشعب بإلقاء نظرة عليها من خلف الزجاج، كما يُنظر إلى المجوهرات النادرة في واجهات المحلات الفاخرة؟
على أي حال، الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة على هذا السؤال المصيري. أما الآن، فكل ما يمكننا فعله هو الاستعداد النفسي والمالي لشهر رمضان المقبل، ورفع شعار:
“اللهم لا تُحرمنا من الطماطم، واجعلها برداً وسلاماً على موائد الفقراء!”