
م-ص
هل نحن أمام حكومة أم ورشة مفتوحة لا تتوقف عن “إصلاح” القوانين وتعديلها؟ هل نحن في مغرب العجائب، حيث تحطم الحكومة الأرقام القياسية في الزيادات السعرية بدل الإنجازات التنموية؟
الأسعار تحلق والمواطن يتأوه
مع اقتراب شهر رمضان، صار المواطن المغربي يقضي وقتًا أطول في المتاجر من أجل مقارنة الأسعار، ليس بهدف الحصول على الجودة، ولكن فقط للعثور على ما تبقى من مواد غذائية لم تتضاعف أسعارها بعد. السكر، الزيت، الحليب، الدقيق، الخضر والفواكه، اللحوم… كل شيء صار بعيد المنال، وكأننا في مزاد علني تُحدده بورصة لا يفهمها أحد إلا الوسطاء والمضاربون!
بينما كان المواطنون يتوقعون تدخلًا حكوميًا صارمًا لضبط السوق وحماية القدرة الشرائية، جاءت الحكومة بجرعة إضافية من “التوضيحات التقنية” و”الالتزامات غير المُلزمة”، بينما الأسعار ترتفع بسرعة لم تشهدها البلاد حتى في أسوأ الأزمات الاقتصادية.
حكومة التعديلات التشريعية: تغيير القوانين بدل تحسين الأوضاع!
هذه الحكومة لا تتوقف عن تعديل القوانين وكأنها تتعامل مع التشريع على أنه لعبة “بازل”. تعديلات بالجملة، إصلاحات لا تنتهي، لكن دون أن تلامس المشاكل الحقيقية. فبدل البحث عن حلول جذرية لتفادي ارتفاع الأسعار، يخرج المسؤولون كل يوم بمشاريع قوانين جديدة حول تنظيم الأسواق، شفافية الأسعار، حماية المستهلك… فيما المستهلك الحقيقي هو من يحتاج إلى من يحميه من هذه الموجة الجنونية من الغلاء!
تبريرات لا تُشبع الجياع
الحكومة تبرر ارتفاع الأسعار بظروف السوق الدولية والجفاف وارتفاع تكاليف النقل، لكن هل هذه العوامل جديدة؟ ألم تكن معروفة من قبل؟ لماذا لم يتم اتخاذ تدابير استباقية لحماية المواطنين؟ كيف لدولة بموقع استراتيجي وزراعي مثل المغرب أن يجد مواطنوها أنفسهم عاجزين عن شراء مواد غذائية أساسية؟
الدعم الموجه… ولكن إلى أين؟
بعض الوزراء يتحدثون عن برامج دعم الفئات الهشة، لكن هل هناك من شاهد هذا الدعم فعليًا؟ أم أنه مجرد رقم يُذكر في التقارير الرسمية ولا يصل إلى جيوب المتضررين؟ المواطن البسيط لا يريد خطابات رنانة عن الاقتصاد، بل يريد فقط أن يتمكن من شراء دجاجة دون أن يشعر وكأنه اشترى تحفة نادرة من مزاد سوثبيز!
إلى أين؟
إذا استمر هذا الوضع، فإن الطبقة الوسطى – التي كانت إلى وقت قريب درعًا اقتصاديًا واجتماعيًا للمغرب – ستلتحق رسميًا بركب الفقراء، في وقت تستمر فيه الطبقة الغنية في ازدهارها بلا قيود. المواطن البسيط لم يعد يطلب تحسين وضعه، بل فقط يريد أن يتوقف التدهور المستمر، لكن حتى هذا أصبح مطلبًا يبدو مستحيلًا!
فهل ستصحح الحكومة مسارها أم ستظل تُعدّل القوانين لأهداف لم تعد تخفى على أحد، بينما الأسعار تواصل تحليقها الصاروخي؟ الأجوبة ستأتي، لكن ليس قبل أن يحترق جيب المواطن بما تبقى لديه من دراهم معدودة!