
قاصرون في يد المخدرات: استغلال الأطفال في شبكات الجريمة المغربية
دابا ماروك
من أغرب المواضيع المسكوت عنها في المغرب والتي تثير القلق بشكل خاص هو ظاهرة تشغيل القاصرين في مجالات لا تتناسب مع أعمارهم، وتحديدا في ميدان المخدرات. لعل أكثر ما يثير الغرابة هو الواقع الذي يعيشه هؤلاء الأطفال والشباب في ظل غياب الرقابة الفعالة من الجهات المسؤولة، وبقاء الظاهرة منتشرة في بعض المناطق رغم محاولات التقنين والتنظيم التي طالت هذا المجال في السنوات الأخيرة.
فيما يخص تشغيل القاصرين، يكاد لا يوجد حيّز واسع للحديث عن ذلك في النقاشات العامة أو السياسية، رغم أن الظاهرة تتفاقم بشكل غير مسبوق في بعض المناطق الجبلية والريفية والمناطق القريبة من الحدود. ففي الواقع، يتعرض القاصرون لاستغلال في مجال المخدرات في مراحل متعددة، تبدأ من جني النباتات، وتصل إلى عمليات تحضير المواد المخدرة، ثم نقلها وبيعها في الأسواق.
صغار في عمر الزهور ومراهقون، لا يزالون في مراحل تطورهم النفسي والجسدي، يقعون ضحايا للجهات المشرفة على هذه الأنشطة غير القانونية. قد لا يدرك هؤلاء الأطفال والشباب الأبعاد الحقيقية لما يقومون به من أعمال، فهم يعيشون تحت تأثير مواقف إجبارية أو ضغط البيئة المحيطة، سواء كانت أسرا فقيرة تبحث عن قوتها اليومي، أو عصابات تستغل هشاشة وضعهم الاجتماعي.
إحدى المشاهد الأكثر إثارة للدهشة هي وجود فئة من “الحمالة”، وهم الأفراد الذين يُطلب منهم نقل المخدرات من المناطق الجبلية إلى مناطق أكثر أمانًا. هؤلاء الحمالة هم في العادة أشخاص لا يتجاوزون سن المراهقة في كثير من الأحيان، ويعملون في ظروف صعبة للغاية، حيث يضطرون للقيام بمهام ممنوعة وخطيرة، ويعيشون تحت تهديد مستمر من قبل تجار المخدرات الذين يسيطرون على تلك المناطق. في هذه الأنشطة، لا تكون الرفاهية أو الرعاية الصحية جزءًا من المعادلة، بل إنها غالبًا ما تكون مجرد وسيلة للنجاة أو الحصول على بعض المال في بيئة تحكمها معايير غير إنسانية.
أما بالنسبة للحديث عن عمليات التوزيع والبيع، فقد يتم الإشارة إليها أحيانا بشكل خجول أو غير مباشر، ولكن لا أحد يتناول بشكل كاف تفاصيل ذلك الواقع الذي قد يشمل من جديد هذه الفئة من القاصرين الذين، في العديد من الحالات، يتحولون إلى وسطاء في هذه الشبكات الإجرامية دون أن يلتفت إليهم المجتمع أو حتى الجهات القانونية. كل هذه العمليات تقع في الظل، بعيداً عن الأضواء، ويظل الحديث عنها محصورًا في الأوساط المغلقة التي لا تجرؤ على البوح بما يحدث من ممارسات تستغل الأطفال والمراهقين.
لا يمكن للحديث عن تقنين أو تنظيم قطاع المخدرات في المغرب أن يكون مكتملًا دون الإشارة إلى هذه الفئة من الشباب القاصرين الذين يعانون من واقع صعب، يتراوح بين الاستغلال من قبل شبكات الجريمة المنظمة، وبين قلة الخيارات في مواجهة فقرهم وحاجتهم. وعلى الرغم من أن التحديات القانونية والاقتصادية قد تكون معقدة في معالجة هذه الظاهرة، إلا أنه لا بد من الاعتراف بالحاجة إلى مزيد من الوعي والعمل الجاد في محاربة هذه الظواهر التي تلتهم شباب المغرب بعيدًا عن أعين المجتمع.