
دابا ماروك
المحمدية، تلك المدينة التي كانت تحمل في زمن ليس ببعيد لقب “مدينة الزهور”، باتت اليوم نموذجًا حيًا للحكرة الممنهجة، ليس فقط في بنيتها التحتية المهترئة أو غياب المشاريع التنموية الجادة، بل حتى في رموزها الرياضية التي تتعرض لعملية استنزاف ممنهج، كما هو الحال مع فريق شباب المحمدية الذي يعيش أسوأ أيامه تحت رحمة تجار المصالح الكروية.
شباب المحمدية.. فريق بلا سيادة!
كان شباب المحمدية يومًا ما مصدر فخر لسكان المدينة، بل وكان من الفرق التي صنعت أمجاد كرة القدم المغربية، لكن اليوم أصبح الفريق أشبه بمتجر مفتوح لمن يدفع أكثر، حيث لا سلطة فعلية لإدارته، بينما تتحكم أيادٍ خفية في مصيره. مصادر موثوقة تؤكد أن الفريق لا يزال يُدار فعليًا من طرف الرئيس السابق هشام أيت منا، رغم توليه قيادة الوداد البيضاوي، وكأن شباب المحمدية مجرد فرع تابع للفريق الأحمر وليس ناديًا مستقلاً له كرامته وتاريخه.
مخطط تدمير الفريق.. مؤامرة مكشوفة؟
ليس من باب الصدفة أن تتوالى الأزمات المفتعلة داخل الفريق، بدءًا من الأزمة المالية الغامضة، مرورًا بـ عدم استقرار الإدارة الفنية، وصولًا إلى تفريغ الفريق من نجومه، وكأن هناك إرادة خفية تدفع به نحو الهاوية.
والمثير في كل هذا أن صوت أبناء المدينة غائب تمامًا! لا نجد من يدافع عن شباب المحمدية، لا على المستوى المحلي ولا الوطني، وكأن الأمر لا يعني أحدًا، في تجسيد صارخ للحكرة، حيث تترك الفرق الكبرى فرق المدن الصغرى تنزف حتى الموت دون أي مساءلة أو محاسبة.
المحمدية.. المدينة التي تُركت لمصيرها!
القضية أكبر من فريق كرة قدم، فهي تعكس واقع مدينة بأكملها تُعامل كمجرد قرية تابعة للدار البيضاء، بلا مشاريع تنموية، بلا استثمارات حقيقية، وبلا دفاع عن حقوقها في أي مجال. اليوم يُسرق شباب المحمدية في وضح النهار، وغدًا قد يتم بيع تاريخ المدينة بالكامل لمن يدفع أكثر، وسط صمت رهيب من المسؤولين، الذين يبدو أنهم يرون في هذه المدينة التاريخية مجرد أرض للمضاربات العقارية وليس مكانًا يستحق الحياة.
إلى متى السكوت؟
ما يحدث اليوم لشباب المحمدية هو إهانة لساكنة المدينة قبل أن يكون مجرد أزمة كروية، وهو دليل على أن منطق التهميش والحكرة ما زال سائدًا، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى سيظل أبناء المحمدية صامتين؟ متى سيدركون أن ناديهم هو رمز لهويتهم، وأن الدفاع عنه هو دفاع عن المدينة نفسها؟
المعركة اليوم ليست فقط معركة رياضية، بل معركة وجود، لأن كل شيء يشير إلى أن المستقبل لن يكون إلا أكثر قتامة إذا استمر الوضع على هذا الحال. فهل سيستمر أبناء المحمدية في لعب دور المتفرج، أم أن الوقت قد حان ليُرفع الصوت عاليًا في وجه من يستبيحون مدينتهم وفريقهم؟