اقتصادمجتمع

“سامير”.. عندما يتحول النقاش إلى ملكية خاصة!

محمد صابر

في كل قضية كبرى تحظى بالاهتمام العام، هناك دائمًا من يعتقد أنه الوصي الشرعي الوحيد على الموضوع، فلا يجوز لأحد غيره الاقتراب أو التحليل أو حتى إبداء الرأي دون إذن مسبق. يبدو أن ملف سامير لم يكن استثناءً، إذ أصبح مجرد الحديث عنه مغامرة محفوفة بالمخاطر، وكأن القضية أصبحت ضيعة فكرية يمتلكها شخص واحد، لا ينافسه فيها أحد، ولا يُسمح لغيره بأن يدلي بدلوه.

الاحتكار ليس حلاً.. ولا يُصنع به التاريخ

بعض الأصوات اعتادت أن تتعامل مع النقاشات الاقتصادية وكأنها “عقود حصرية”، حيث لا يُقبل أي رأي آخر إلا إذا جاء متوافقًا مع الخطاب الرسمي الذي تكرره تلك الأصوات نفسها منذ سنوات، دون أن يتغير فيه سوى بعض التفاصيل الطفيفة. لكن، هل يكفي التكرار المستمر لنفس العبارات والمواقف لتقديم حلول حقيقية؟ أم أن المسألة تحولت إلى مجرد استعراض مواقف أكثر منها بحثًا عن مخارج عملية؟

الأغرب أن بعض “حراس النقاش الاقتصادي” يطالبون بالتعددية في السوق، لكنهم في الوقت نفسه يرفضون أي تعددية في الرأي! يدعون إلى إنهاء الاحتكار في قطاع المحروقات، لكنهم أول من يمارس الاحتكار الفكري حين يتعلق الأمر بتحليل ملف سامير، وكأنهم وحدهم من يملكون مفاتيح الفهم، بينما الآخرون مجرد دخلاء لا يستحقون الحديث في الموضوع.

بين الشعارات والواقع.. أين البدائل؟

النقد اللاذع للحكومة وتأخرها في حسم ملف سامير قد يكون في محله، لكن الخطابات الحماسية وحدها لا تعيد تشغيل المصافي، ولا تحل معضلة الطاقة في البلاد. وبين الشعارات الرنانة والمواقف المتكررة، يظل السؤال معلقًا: أين الحلول العملية؟

المشكل ليس في أن الحكومة بطيئة، بل في أن بعض “النجوم الإعلامية” يفضلون الدوران في نفس الحلقة المفرغة، بدلاً من تقديم مقترحات قابلة للتنفيذ. النقد مطلوب، بل ضروري، لكن حين يتحول إلى “شعارات مستنسخة” تتكرر كل سنة دون أي قيمة مضافة، فإن ذلك لا يخدم سوى من يريد أن يظل تحت الأضواء، حتى لو كان ذلك على حساب الحقيقة.

سامير.. قضية وطنية وليست ماركة مسجلة!

الحقيقة الوحيدة في هذا الملف أن سامير ليست قضية فردية، ولا شأنًا نقابيًا صرفًا، ولا امتيازًا تحليليًا خاصًا بأحد. الحديث عنها ليس جريمة، ولا يتطلب إذنًا مسبقًا من أي جهة، سواء كانت رسمية أو غير رسمية. من يعتقد أنه يحتكر الحقيقة، فهو واهم. ومن يظن أن بإمكانه أن يكون “المرجع الأوحد” في هذا النقاش، فعليه أن يدرك أن الزمن تغيّر، والمنابر لم تعد حكرًا على أحد.

فالنقاش العمومي، مهما حاول البعض الاستحواذ عليه، سيظل مفتوحًا، ولن يكون أبدًا بضاعة قابلة للاحتكار!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى