مجتمع

الإعلام بين المتطفلين والكاميرا الخفية: مشهد فوضوي في عصر الرقمنة

دابا ماروك

من المدهش أن تجد نفسك تعيش في زمن أصبحت فيه عتبة الدخول إلى مجال الإعلام تعادل شراء حذاء رياضي جديد. نعم، لقد أصبح الإعلام مجالاً متاحًا للجميع، من محترفين يعرفون خبايا الكاميرا وأسرار الميكروفون، إلى متطفلين اكتفوا بحمل هاتف ذكي وحزمة بيانات. يا لها من ثورة ديموقراطية!

لكن لنكن واقعيين، أيها المغاربة المتطفلون على الإعلام، اطمئنوا! أنتم لستم وحدكم في هذا المضمار. فحتى وسائل التواصل الاجتماعي انضمت إلى الجوقة، وفتحت أبوابها على مصراعيها لكل من يحمل شغفًا بالتعبير أو رغبة في الشهرة السريعة. والأسوأ من ذلك، أن الكاميرا الخفية بشتى أنواعها وخططها — سواء كانت بريئة أو خبيثة — وجدت طريقها إلى هذه الفوضى.

ظاهرة المتطفلين: من المسؤول؟

من الصعب إلقاء اللوم بشكل كامل على المتطفلين وحدهم. فالسهولة التي تتيحها التكنولوجيا الحديثة — بدءًا من منصات الفيديو المجانية وحتى الهواتف الذكية ذات الجودة العالية — جعلت أي شخص قادرًا على أن يصبح “إعلاميًا” بين ليلة وضحاها. لم يعد الأمر يتطلب شهادة جامعية أو تدريبًا طويلًا في غرفة أخبار متواضعة، بل أصبح مجرد فكرة — جيدة كانت أم سيئة — كافيًا ليحصل صاحبها على آلاف المشاهدات.

ولكن، المشكلة لا تكمن فقط في المتطفلين، بل في الجمهور الذي يتابعهم بحماس، ويمنحهم الشرعية والانتشار. فهل نلوم من يقدم المحتوى السطحي، أم من يستهلكه ويشجعه؟

الكاميرا الخفية: بين الإبداع والابتذال

أما الكاميرا الخفية، فقد تحولت من كونها وسيلة تسلية خفيفة إلى أداة لإثارة الجدل وربما الإزعاج. فبينما كانت في الماضي تعتمد على مواقف طريفة ومخططات بريئة تهدف لإضحاك الناس، أصبحت اليوم تميل إلى المبالغة والافتعال. هل يمكننا أن ننسى تلك المشاهد المبالغ فيها، حيث يتم تصوير “ضحايا” وهم يصرخون خوفًا أو غضبًا؟

والأسوأ من ذلك، أن هذه الكاميرات الخفية أصبحت وسيلة لجذب الانتباه على حساب أخلاقيات الإعلام واحترام خصوصية الأفراد. فبعض هذه البرامج لا تكتفي بخلق مواقف مفبركة، بل تتجاوز إلى التلاعب بالمشاعر واستغلال المواقف الاجتماعية الحساسة.

الحل: العودة إلى القيم الإعلامية

لعل الحل يكمن في إعادة النظر في مفهوم الإعلام نفسه. الإعلام ليس مجرد وسيلة لجمع الإعجابات أو المشاهدات، بل هو مسؤولية اجتماعية وثقافية. يجب أن يكون هدف الإعلامي — سواء كان محترفًا أم هاويًا — تقديم محتوى ذو قيمة، يعكس الواقع ويخدم الجمهور.

كما يجب على الجمهور أن يكون أكثر وعيًا وانتقائية فيما يتابعه. فإذا استمررنا في دعم المحتوى السطحي والمفتعل، فإننا نساهم بشكل مباشر في تعزيز هذه الظاهرة.

في النهاية

للمتطفلين على مجال الإعلام ولصناع الكاميرا الخفية، رسالتنا بسيطة: الإعلام ليس حذاءً جديدًا تنتعله لتركب موجة الشهرة. إنه فن ومسؤولية. وبينما نعيش في عصر تسيطر فيه السرعة والسطحية، لا يزال هناك مكان للإبداع الحقيقي والرسالة الهادفة. فهل أنتم مستعدون لرفع التحدي؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى